للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الميت مرة أخرى وقال بعض العلماء: بل يعيدها مطلقًا، وقال آخرون: بل يعيدها لسبب، والسبب مثل: أن يصلى عليها جماعة لم يصلوا عليها من قبل فيصلى معهم، وهذا القول اختيار شيح الإسلام ابن تيمية وهو الصحيح، وقد يستدل له بقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة"، يمكن أن يستدل بهذا.

ويستفاد من الحديث: جواز إعادة الصلاة على الميت لمن لم يصل عليه، لأن الرسول صلى عليها مع أن الصحابة كانوا قد صلوا عليها من قبل.

ومن فوائد الحديث أيضًا: أن القبور قد تكون ظلمة حتى بالنسبة لقوم صالحين، يؤخذ من أن أهل البقيع كلهم من الصحابة ومع ذلك قال: (إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة" فلا تغتر بالعمل، فإن العمل ليس هو كل شيء، فهؤلاء الصحابة خير القرون قد تكون قبورهم مملوءة ظلمة، كما أخبر بذلك النبي (صلى الله عليه وسلم).

ومن فوائد الحديث: أن الدعاء للأموات ينفعهم لقوله: "وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم" أي: بدعائي لهم.

ومن ذلك أن يقول الإنسان: اللهم أفسح لهم في قبورهم ونورها عليهم وما أشبه ذلك، فهذا ما ينبغي للإنسان أن يدعو به سواء دعا به حين زيارة المقبرة أو في بيته، أو يدعو في صلاته أن الله يفسح لأموات المسلمين في قبورهم وينور لهم فيها.

وهل يؤخذ من الحديث: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يعلم الغيب؟ نقول: إذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يعلم بما حدث على ظهر الأرض من موت المرأة وقبرها فكيف يعلم بما في باطن الأرض؟ ! ولكنا نحن نعلم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أخبر بهذا.

ومن فوائد الحديث: جواز ذكر المكروه النازل في قوم إذا كان على سبيل العموم، كيف ذلك؟ لأنه معلوم أن كون القبور مملوءة ظلمة هذا فيه كراهة، لكن الرسول قالها على سبيل العموم.

ومن فوائد الحديث أيضًا: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا يستطيع أن يجلب الخير لأحد، ولكنه سبب من الأسباب، يؤخذ من قوله: "فإن الله ينورها" فأضاف التنوير إلى الله - سبحانه وتعالى-:

ومن فوائد الحديث: إثبات الأسباب يؤخذ من قوله: "بصلاتي عليهم".

فالحديث هذا فيه فوائد كثيرة في الحقيقة، وربما لو تأمل الإنسان وجد فوائد أخرى، لكن من الفوائد ما يكون ظاهرًا، ومنها ما يكون قريبًا، ومنها ما يكون بعيدًا، ولكن مهما أمكن من الاستدلال بالسنة أو بالقرآن فإنه أولى من الاستدلال بالنظر والقياس، لكن بشرط أن يكون اللفظ محتملاً لذلك، أما أن تحمل اللفظ ما لا يحتمل فهذا لا يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>