للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهدها حتى يصلى عليها"؛ لأنه ربما يشهدها في حملها وتجهيزها ثم لا ينتظر الصلاة، فيكون المقصود هو الصلاة، وإنما ذكر ما قبلها؛ لأنه وسيلة إليها، ولكن مع ذلك لا يستوي الأجران: أجر من مشى معها من بيتها أو جاء منتظرًا لها حتى حضرت، وأجر من صلى عليها مصادقة بدون أن يكون مستعدًا لها.

وقوله: "حتى تدفن" عرفتم الروايات فيها: "حتى توضع في اللحد، أو حتى يفرغ من دفنها) ٩، وقلنا: نعتمد حتى يفرغ من دفنها؛ لأنه تجتمع فيه كل الروايات الثلاث، فإنه إذا فرغ من دفنها فقط شهدها حتى وضعت في اللحد وحتى دفن الميت ولكن لم يتم.

قوله: "قيل: وما القيراطان؟ " القائل هو: أبو هريرة كما ورد ذلك في بعض الألفاظ، ثم إنه لا يعنينا أن نعرف عين القائل؛ لن المهم الحكم، ولهذا دائمًا يحذف الفاعل أو يبهم صاحب القصة لكنه ليس هو المقصود، المقصود: معرفة الحكم.

وقوله: "مثل الجبلين العظيمين" في بعض الألفاظ: "أصغرهما مثل أحد"، وفي لفظ البخاري الثاني: "كل قيراط مثل جبل أحد"، وعلى هذا فيكون أحد جبلًا عظيمًا؛ لأنه كبير.

وعلى هذا يستفاد من هذا الحديث عدة فوائد: أولًا: الترغيب في شهود الجنازة لإدراك هذا الأجر العظيم؛ ولهذا لما ذكر ذلك لعبد الله بن عمر قال: "لقد فرطنا في قراريط كثيرة"، ثم صار لا تفوته جنازة إلا خرج معها.

ويستفاد من الحديث: أن هذا الأجر مرتب على الصلاة، ولكننا لا نجرم بذلك إلا لمن شهدها حتى يصلى عليها، وأما من أدرك الصلاة فقط فالله أعلم، لكن نرجو أن يكون كذلك.

ومن فوائد الحديث: اختلاف الأجر باختلاف العمل، وجهه: أنه جعل من شهدها حتى يصلى عليها له قيراط واحد، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان اثنان، وهذا من كمال العدل.

ويستفاد من هذا الحديث: أن القيراطين لا يحصلان إلا لمن شهد الصلاة والدفن، يؤخذ من قوله: "ومن شهدها حتى تدفن"؛ لأنه من المعلوم أن الصلاة سابقة على الدفن، فإن شهد الدفن دون الصلاة مثل: أن يمر رجل بأناس في المقبرة يدفنون ميتًا فحضر وشاركهم في الدفن، هل يحصل له أجرًا؟ الحديث فيه دليل على أنه يحصل له قيراط إلا إذا انضمت إليه الصلاة ولا يلزم حصول الأجر بانضمام شيء إلى آخر أن يحصل به منفردًا، إن صلى عليها في المقبرة يكون أدركهم قبل الدفن فصلى عليها وبقي حتى يدفن هذا يرجع له ذلك، بناء على ما سبق من أنه لابد أن يشهدها قبل الصلاة حتى يصلى عليها أو يكفي حصول الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>