للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "للمساكين" المراد بهم: ما يشمل الفقراء، لأنه سبق لنا مرارا بأن الفقير إذا ذكر بدون ذكر المسكين فهوا يشمل المسكين، والمسكين لذا ذكر بدون الفقير يشمل الفقير، وإذا اجتمعا افترقا، فصار الفقير أشد حاجة من المسكين، في الحديث الذي معنا هل هما مجتمعان؟ لا إذن فالمسكين هنا بمعنى: الفقير والمسكين أيضًا، فتكون "طعمة للمساكين" يطعمون يوم العيد، ويكون العيد عيدًا لهم كما هو عيد للأغنياء.

فإن قلت: إذا كان الإنسان لا يصوم، إما لأنه صغير ليس من أهل الصيام، وإما لأنه مريض يصوم في أيام أخر، فكيف يصح هذا التعليل "طهرة للصائم" وهذا ما صام؟

فالجواب: أن هذا بناء على الأغلب، وإذا تخلفت هذه العلة في حقه، ثبتت العلة الأخرى وهي "طعمة للمساكين".

يقول: "فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".

قوله: "فرض زكاة الفطر" هذا لا شك أنه مرفوع، وقوله: "طهرة للصائم وطعمة للمساكين" هل هو مرفوع أو أنه استنباط من ابن عباس؟ يحتمل أن يكون استنباطًا، ويحتمل أنه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين فرض الزكاة بين أنها طهرة للصائم وطعمة للمساكين.

وقوله: "ومن أداها قبل الصلاة" هل هو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، أو هو استنباط من ابن عباس؟ يحتمل أيضًا، لكن الظاهر أنه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم بدليل قوله في حديث ابن عمر: "وأمر بها أن تؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة".

في هذا الحديث بيان الحكمة من فرض زكاة الفطر وأنها تتضح في شيئين هما: طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين.

ومن فوائده: أنه لا بد أن تصرف زكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة لقوله: "فمن أداها .... " إلخ.

ومن فوائده: أن العبادات المؤقتة إذا أديت بعد خروج الوقت فإنها لا تقبل لقوله: "ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"، إلا إذا كان لعذر فإنها تقبل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها". وهذه قاعدة ينبغي أن تعرفها أيها الطالب: كل عبادة مؤقتة لا تصح بعد خروج وقتها إلا لعذر، كما أنها لا تصح قبل دخول الوقت، فلو صلى الظهر قبل الزوال لا تصح صلاته، وعليه أن يعيدها بعد الزوال، وإذا صلى بعد أن يصير ظل كل شيء مثله بغير عذر لم تصح؛ لأنه أدّاها بعد خروج الوقت إلا لعذر فليصلها إذا ذكرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>