للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - باب صدقة التَّطوُّع

هذا من باب إضافة الشيء إلى سببه أو إلى نوعه؟

إن قلت: إلى سببه فالمعنى: الصدقة التي حمله عليها التطوع لله.

وإن قلت: إنها من باب إضافة الشيء إلى نوعه، فمعناه: أن الصدقة تكون تطوعا، وتكون واجبة وهو كذلك، فهي إذن من باب إضافة الشيء إلى نوعه.

الصدقة الواجبة. مثل زكاة المال وزكاة الفطر.

[مفهوم صدقة التطوع وفائدتها]

وصدقة التطوع: هي ما يتقرب به الإنسان إلى الله تعالى ببذل المال من غير أن يجب عليه، صدقة التطوع من رحمة الله- سبحانه وتعالى- بعباده؛ لأن الفريضة قد يؤديها ناقصة، والنوافل تكمل بها الفرائض، كما جاء ذلك في حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن فوائد صدقة التطوع: أن فيها زيادة إيمان، فإن الإنسان يزداد إيمانا بصدقته؛ لأن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، ومن حكمة الله عز وجل بعباده أنه ما جعل عليهم فريضة إلا جعل لهم نافلة من نوعها، كل الفرائض لها نافلة من نوعها، نبدأ بالصلاة لها نافلة من نوعها مثل: الرواتب، والوتر، وصلاة الليل، وصلاة الضحى، الصدقة: لها الزكاة واجبة، وما عداها تطوع، الصوم: كذلك فيه واجب وفيه تطوع، الحج: فيه واجب وفيه تطوع، حتى يكمل الواجب بالتطوع.

[استحباب إخفاء الصدقة]

٦٠٠ - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظل إلاَّ ظلُّه ... ". فذكر الحديث وفيه: "ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتَّى لا نعلم شماله ما تنفق يمينه". متَّفقٌ عليه.

قوله: "سبعة" هل تعيينهم هنا بالشخص أو بالوصف؟ بالوصف، يعني: ليسوا سبعة أشخاص فقط. المراد: سبعة، هذا وصفهم يبلغون كثيرًا، كل من اتصف بواحد من هذه الأوصاف فهو داخل في الحديث.

وقوله: "يظلُّهم الله في ظله" ليس المراد: ظل ذاته؛ لأن الله عز وجل نور وحجابه النور، والمراد: ظل يخلقه إمَّا ظل العرش أو غيره، المهم أن هذا ظل مخلوق، وليس هو ظل الله عز وجل.

وقوله: "يوم لا ظلَّ إلاَّ ظلُّه" أي: يوم القيامة، فإن الظلال تتضاءل وتضمحل، وتذهب في ذلك اليوم؛ لأن الله- سبحانه وتعالى- يقول: {ويسألونك عن الجبال فقال ينسفها ربي نسفًا * فيذرها

<<  <  ج: ص:  >  >>