للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب وأعطاه لفقره فإن ذلك حرام عليه، لماذا؟ لأن ما أعطي للغرام لا يصرف في غيره، ثم لما ذكر الله عزى وجل هؤلاء الأصناف الثمانية قال: {فريضة من الله} يعني: أن الله تعالى فرضها علينا فرضًا نؤديها إلى هذه الأصناف الثمانية {والله عليم حكيم} أي: عليم بمن يستحق، حكيم في وضعه الشيء في موضعه، فحكمته- جل وعلا- صادرة عن علم تام بالحق والمستحق، وعلى هذا فلو أننا صرفنا الزكاة في غير هذه الأصناف لكانت الزكاة غير مقبولة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"، إلا أن الإنسان إذا صرفها في غير أهلها ظانًّا أنه من أهلها ثم تبين أن الأمر بخلافه فصدقته مقبولة سواء كان غنيُّا ظنه فقيرًا، أم مقيمًا ظنه مسافرًا، أو غير ذلك، ما دام قد غلب على ظنه أنه مستحق، ثم تبين عدم الاستحقاق فإنها تجزئ صدقته؛ لماذا؟ لأن غالب الأحكام الشرعية مبنية على غلبة الظن؛ ولهذا لو شك في الطواف أسبعة هو أم ستة؟ وغلب على ظنه أنه سبعة بنى على غالب ظنه، لكن إذا تبين أنه خلاف ما بنى عليه وجب عليه أن يعيده، أما الصدقة فلا يجب عليه إعادتها؛ لأنها متعلقة بطرفٍ ثان وهو القادر الذي تصدق عليه، ولعلكم تذكرون قصة الرجل الذي قال: "لأتصدِّقن الليلة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على غني، والغني ليس أهلاً للزكاة فقال: الحمد لله على غني- وهذا يدل على عدم ندمه-، ثم خرج الليلة الثانية بصدقته فوقعت في يد زانية بغي، فأصبح الناس يتحدثون تصدَّق الليلة على بغي، فقال: الحمد لله على بغي، ثم خرج في الليلة الثالثة فتصدق فوقعت صدقته في يد سارق يسرق الناس، فأصبح الناس يتحدثون تصدّق الليلة على سارق، فقال: الحمد لله على سارق، ثم أوتي هذا الرجل وقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، ثم قيل له: الغني لعله أن يتصدق، والزانية لعلها أن تستعف، والسارق لعله أن يتوب ويكف عن سرقته". إذن متى غلب على ظنك أن المعطى من أهل الزكاة وأعطيته فالزكاة مقبولة.

نعود مرة ثانية لننظر في هذه الأوصاف، هل هي أوصاف علِّق الاستحقاق بها بدون تفصيل {للفقراء والمساكين} [التوبة: ٦٠]. فمقتضى ذلك أن يحل دفع الزكاة لكل من اتصف بهذه الأوصاف كائنًا من كان، شخص له أب فقير فهل يجوز دفع الزكاة له؟ نعم زوج دفع. زكاته إلى زوجته وهي فقيرة هل تصبح؟ نعم، زوجة دفعت صادقتها إلى زوجها وهو فقير يصح؛ لأن عندنا عموم، المهم: أن الآية عامة، فكل من ادَّعى أن شيئًا خرج منها من قرابة أو زوجية أو غير ذلك فعليه بالدليل، رجل دفع زكاته إلى بني هاشم مقتضى الآية يجوز لكن فيه دليل. قال

<<  <  ج: ص:  >  >>