للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإما أن يكون فيه بركة بنفعه مثل: أن يخدمك ويساعدك وما أشبه هذا.

وإما أن يكون فيه بركة بخلقه: يكون الرجل على خلق حسن ويتعلم مصاحبه منه الأخلاق، وكم من أناس تعلَّموا حسن الأخلاق بمصاحبة من هم على خلق وهذا كثير، حتى إن الإنسان الذي عنده علم قد يصحب عاميًّا فيرى من حسن أخلاقه وبشاشته وطلاقة وجهه وكلامه اللين للناس ما يأخذ منه أسوة، كل هذه من البركات بلا شك.

والحاصل: أن البركة تكون في المخلوقات، ولكن من الذي جعلها فيها؟ الله عز وجل.

ومن فوائد الحديث أيضًا: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم، لكونه يقرن الحكم بالعلة في قوله: "فإن في السحور بركة"، والعلة تختلف قد تكون العلة مما يحث الإنسان على الفعل أو ينفره من الفعل، ففي هذا الحديث الغرض من العلة: الحث على الفعل، وفي قوله تعالى: {إلا أن يكون ميتةً أو دمًا مفسوخا أو لحم خنزير فإنه رجس} [الأنعام: ١٤٥]. للتنفير منه، ومثل إلقاء النبي صلى الله عليه وسلم الروثة حين جاء بها ابن مسعود ليستنجي بها فألقاها الرسول وقال: "إنها ركس أو رجسه" للتنفير من ذلك.

* وقد ذكرنا- فيما سبق- أن لتعليل الحكم ثلاث فوائد:

الأولى: سمو الشريعة، ووجهه: أن الشريعة لا تأمر ولا تنهي إلا لحكمة.

الثانية: القياس إذا وجدت العلة في الفرع المقيس؛ يعني: إمكان إلحاق غيره به.

والثالثة: زيادة اطمئنان المكلف.

استحباب الفطر على تهر أو ماء:

٦٣٠ - وعن سلمان بن عامرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمرٍ، فإن لم يجد فليفطر على ماءٍ فإنَّه طهورٌ". رواه الخمسة، وصحَّحه ابن خزيمة وابن حبَّان والحاكم.

"سلمان" من أقل ما يكون ورودًا في أسماء الصحابة، ولكن يمكن حصرهم إذا رجعنا إلى مثل: كتاب "الإصابة"، قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أفطر" أي: أراد أن يفطر، "فليفطر على تمر"، والخطاب هنا "أحدكم" يعود إلى الصائمين، "فليفطر على تمر" ويحتمل أن يعود على الجميع ويكون "إذا أفطر أحدكم" إن صمتم، وقوله: "فليفطر على تمر"، الفاء هنا رابطة للجواب، واللام لام الأمر، قد يشكل كونها هنا ساكنة والمعروف أنها مكسورة، أما في قوله تعالى: {لينفق ذو سعةٍ من سعته} [الطلاق: ٧].

فلماذا كانت ساكنة؟ تسكن لام الأمر إذا دخلت عليها الفاء أو الواو أو ثم، بخلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>