للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: لا مانع لكن المعروف عند أهل العلم أنها لا تقصر إلا بهذا المقدار وهو قدر أنملة.

[مسألة حكم قص المرأة لشعر رأسها؟]

وهنا نستطرد لنبحث هل يجوز للمرأة أن تقص شعر رأسها أو لا يجوز؟

نقول: هذا على نوعين: نوع لا يجوز، ونوع اختلف في حكمه، النوع الذي لا يجوز: أن تقص رأسها حتى يكون كرأس الرجل، هذا حرام؛ لأنه من باب التشبه بالرجال، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبِّهات من النساء بالرجال، وكذلك أيضًا لو قصته على وجه يشبه قصّ الكافرات بحيث لا يميز بين هذا القص وقص الكافرات فإن هذا لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم". أما إذا قصته على وجه يشبه قص العاهرات، فهذا لا شك أنه منهي عنه، والعلماء حذروا منه؛ لأن بعض الفاسقات العاهرات يكون لهن زيٌّ معين في الشعر، فإذا قصته على هذا الوجه وإن لم تكن هي عاهرة فإن العلماء نهوا عن ذلك نهيًا شديدًا يقرب من التحريم هذا نوع.

النوع الثاني: أن تقصه على وجه لا يشبه ذلك، أي: لا يشبه رءوس الرجال ولا رءوس الكافرات ولا رءوس العاهرات، فاختلف العلماء في هذا على ثلاثة أقوال:

قول بالتحريم، وهو قول صاحب المستوعب من أصحاب الإمام أحمد، وقالوا: إن هذا شهرة؛ لأن المعروف من عادة النساء ألا يقصصن رءوسهن، فإذا قصت صار شهرة، والشهرة منهيّ عنها.

وقال بعض العلماء: إنه مكروه، ووجه ذلك: أنه يفوت جمال المرأة الداعي إلى رغبة الزوج فيها، فلا ينبغي أن تفعل.

والقول الثالث: أنه لا بأس به؛ لأن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته كن يفعلن ذلك يقصصن رءوسهن، ولو كان حرامًا أو مكروهًا لم يفعلنه.

وعلى كل حال: لا تجد في الواقع دليلًا واضحًا لا على التحريم ولا على الكراهة، ولكن الذي يخشى منه أنه إذا رخص للنساء في ذلك صرن يتلفقن كل جديد يأتي من الخارج من غير تمييز بين الصالح والفاسد، والمرأة إذا فتح لها الباب لقلة عقلها ونقص دينها لم يبق لها حاجز يمنعها من أن تتلقى كل ما يرد من خير وشر، وهذا هو الواقع الآن، ولهذا تجد النساء يعتدن أشياء لا تمتُّ إلى اللباس الشرعي بصلة، منها ألبسة النعال وكذلك بعض القمصان وما أشبهها، كل ذلك من أجل أنها تتلقى وتتلقف ما يرد إليها من غير حاجز، ولاسيما وأن كثيرًا من

<<  <  ج: ص:  >  >>