للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صورة؟ ثلاث صور: ما مات حتف أنفه بدون ذكاة، وما مات بذكاة غير شرعية، وما لا تحله الذكاة وإن ذكي، فلو أن شخصًا عنده حمار وأضجعه وقال: باسم الله، والله أكبر، وقطع الحلقوم والمريء هذا ليس بذكاة ولا تنفع؛ لأن الذكاة لا تبيحه، هذه كلها حرام بيعها حتى في حال الحل، ولو كان هذا الرجل مما يحل له أكل الميتة للضرورة فلا يجوز أن يشتريها، لكن إن لم يتوصل إليها إلا بدفع شيء فليدفع ويكون الإثم على البائع، وهذه صورة بيع وليست بيعًا شرعًا، وهل الميتة هنا على العموم؟ لا، المراد بالميتة: الميتة المحرَّمة احترازًا من الميتة الحلال كميتة السمك والجراد هذه يجوز بيعها؛ لأنها حلال تؤكل بكل حال وبدون ضرورة، وهل يستثنى من الميتة شيء؟ سيأتي - إن شاء الله - في الفوائد أنه يستثنى شيء منها.

قال: "والخنزير" وهو حيوان معروف خبيث يأكل الأنتان والعذرة، معروف بعدم الغيرة، ربما يمسك أنثاه لذكر آخر، ثم هو نفسه خبيث لقوله تعالى: {فإنه رجس} [الأنعام: ١٤٥]. فلا يحل بيعه حتى في الحال التي يباح أكله وحتى في حال الضرورة، إذا أبيح للإنسان أن يأكله لا يجوز له بيعه، فإن اضطر إليه ولم يحصل عليه إلا بدفع عوض دفعه، ولكنه ليس بيعًا شرعيًّا.

قال: "والأصنام" وهي جمع صنم، وهو ما عبد من دون الله كالشجرة والحجر وغير ذلك وهي ليست لذاتها، ولكن لما يراد بها من الشرك، والشرك أعظم الذنوب، فلو كان الإنسان في مكان تعبد فيه شجرة معينة عنده وجاء واحد يمشي في السوق ويقول: من يشتري هذا الصنم فلا يجوز أن يشتريه أبدًا، اللهم إلا إذا لم تتوصل إلى إتلافه إلا بذلك فهذا جائز، لكنه بيع صوري؛ لأنه لا ثمن له شرعًا، ومثل الصنم أيضًا التمثال الذي يعبد من دون الله، والتمثال صنم لكنه أخرس؛ لأن الصنم: كل ما عبد من دون الله من أشجار وأحجار وتماثيل وغير ذلك، والتمثال: ما صنع على هيئة معينة كأن يصنع على شكل عالم أو عابد أو سلطان أو ما أشبه ذلك، فإن كان الشيء يعبد من دون الله وأكثر الناس لا يعبدونه كالبقرة فهي عند قوم تعبد من دون الله هل نقول: إذا كنا في أرض يعبد أهلها البقر لا يجوز أن نبيع البقرة؟ لا، بل نقول: يجوز بيعها إلا من اشتراها لهذا الغرض.

هذه أربعة أشياء: الخمر والميتة والخنزير والأصنام، والحكمة من ذلك: أما الخمر فلأنها مفسدة للعقل مفسدة للمجتمع، وأما الميتة والخنزير فلأنهما طعام خبيث لا ينال المرء منهما إلا المضرة والمرض، وأما الأصنام فلأنها مفسدة للأديان، فصارت الحكمة من تحريم بيع هذه الأشياء حماية العقول والأبدان والأديان، وإن شئت فقل: والفطرة، وهذا يتحقق في الخنزير؛ لأن الخنزير إذا كان كما يقولون: ليس له غيرة فهو ديوث، وعليه فالذي يتغذى به يكون مثله، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير لئلا يتغذى بها

<<  <  ج: ص:  >  >>