للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا فيما فيه خطر مثل النقود، لو جئتك بصرة من ذهب وقلت: اشتريت منك هذا البيت بهذه الصُّرة، يرى بعض العلماء: أن هذا جائز مع أنك لا تدري ما في هذه الصرة من الذهب، ولا شك أن هذا ليس بجائز للخطر والجهالة العظيمة بخلاف قطيع الغنم وكيس البرّ فالخطر فيه قليل والتقدير فيه ممكن حقيقة أو تقريبًا، أما مثل الدراهم فلا يجوز، لو قلت: اشتريت منك هذا البيت بوزن هذه السِّنجة ذهبًا فلا يجوز؛ لأنه مجهول، أما لو كانت معلومة فلا بأس -السنجة هي الحديدة التي يوزن بها.

ومن فوائد هذا الحديث: جواز الاستعلام عن المبيع، ولاسيما مع القرينة لإدخال النَّبي صلى الله عليه وسلم يده في الطعام، ولا يقال: إن هذا سوء ظن بالبائع؛ لأننا نقول: وهذا احتياطًا للمشتري، ولاسيما إن وجدت قرينة لظاهر هذا الحديث.

ومن فوائد الحديث: وجوب إنكار المنكر؛ لأن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنكر على هذا الرجل، لكن هل ينكر علنًا أو سرًا؟ إن كان فاعل المنكر مظهرًا له فإنه ينكر عليه علنًا، وإن كان مخفيًا له فإنه ينكر عليه سرًا هذا هو الأصل، مع أن المصلحة قد تقتضي الإنكار حتى فيما يعلم إنما الأصل أن من أظهر المنكر أنكر عليه ظاهرًا ومن أخفاه أنكر عليه سرًا.

ومن فوائد الحديث: أن من كان مجهول الاسم فإنه يدعى بمهنته لقوله: "يا صاحب الطعام"، فإذا كنت لا تعرف هذا الرجل فادعه بمهنته، مثلًا وقفت على بناء لا تعرف اسمه ماذا تقول؟ يا بناء، سقط من شخص طوق من الدراهم، تقول: يا صاحب الطوق ... وهكذا، كما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذا في عدة مواضع يدعو بالمهنة.

ومن فوائد الحديث: إطلاق لفظ السماء على المطر لقوله: "أصابته السماء" ولم ينكر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عليه، ولو كان ذلك غير جائز لأنكر عليه؛ لأنه كذب، فإن السماء لم تصبه وإنما الذي أصابه المطر النازل من السماء.

ومن فوائد الحديث: وجوب إظهار العيب، والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أرشد إلى إظهاره بالفعل، قال: "أفلا جعلته فوق الطعام"، ويجوز بالقول، بأن أقول مثلًا في هذه الصرة من الطعام إن أسفلها قد أصابه الماء ولكن أيهما أبين؟ الإظهار بالفعل أبين؛ لأن المشتري قد لا يحيط بوصفك.

هل نقول في هذا الحديث: وجوب جعل الأردأ هو الأعلى وأنه تتعين هذه الصورة، أو نقول: إن المراد البيان بأي صورة كانت؟ الثاني، وأن للإنسان الذي عنده طعام معين طريقتين، الطريقة الأولى: أن يجعل العيب أعلى وهذا قد يكون فيه ضرر عليه؛ لأنه إذا جعل العيب أعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>