للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاحه، كيف على مالك الأصل؟ رجل أخذ هذا النخل مساقاة، المساقاه الشجر فيما لمن؟ لصاحب الأرض؛ القلاح ماله ما اشترط له من الثمر فجاء الفلاح وباعه على مالك الأرض باع نصيبه على مالك الأرض، يقول بعض العلماء: إن هذا جائز؛ لأنه باعه على مالك الأرض.

ومثال آخر: رجل باع نخلاً بعد أن أبرت، فلمن الثمر؟ للبائع، والتأبير: التلقيح، الثمر هنا للبائع، لكن البائع أراد أن يبيع الثمر على مشتري النخل، بعض العلماء يقول: هذا جائز، لماذا؟ قال: لأنه باعه على مالك الأصل، ولكن هذا الاستثناء يحتاج إلى دليل، فالنبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها" استثناء الصورة الأولى وهي ما إذا شرط القطع وقطعه؛ لأنه مال ينتفع به، لكن هذه المسألة يحتاج من ادعى جوازها إلى دليل، قالوا: عندنا دليل وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من باع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع"، من المبتاع؟ المشتري، قالوا: فأجاز اشتراط المشتري النخل مع أن الثمر لمن؟ للبائع، بمقتض، لكن لو قال المشتري: الثمر معها جاز لنص الحديث، مع أن الثمر لم يبدو صلاحه، قالوا: فهذا دليل أنه إذا اشترى الثمرة مالك الأصل فذلك جائز، لننظر هل هذا الاستدلال بهذا الدليل صحيح؟ إذا نظرنا إلى هذا الدليل وجدنا أنه لا دليل لهم فيه؛ لأنه في هذه المسألة صار الثمر تبعا للشجر ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالا، أليس الرجل يجوز له أن يبيع الحيوان الحامل وحمله تبعا له ولو باع الحمل وحده ما جاز؟ فنقول: في هذا الحديث الذي ذكرتم بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الثمر إذا أبر يكون للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ووجه ذلك: أنه تابع للثمرة والعقد واحد، لكنه عقد مستقل، يعقد على الثمرة تباع على مالك الأصل، ونقول: هذا جائز؟ لا يصح هذا القياس، إذن ما الذي يستثنى من هذا الحديث على القول الصحيح؟ الصورة الأولى، وهي: إذا ما باع الثمر بشترط القطع؛ لأن العلة التي من أجلها كان النهي قد زالت.

من فوائد الحديث: حكمة الشرع في المعاملات بين الناس والحفاظ على أموالهم؛ لأن هذا العقد -بيع قبل الصلاح- يؤدي إلى أحد أمرين: إما إلى ضياع المال، وإما إلى النزاع والخصومة، وهذا لا شك أنه من حفظ الأموال من وجه، ومن حفظ المودة بين المسلمين ومن الإبقاء عليها.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان إذا ظن توهم خلاف المراد أن ينص على المراد، وذلك أنه نهى عن بيع الثمر قبل صلاحها قال: "نهى البائع والمبتاع"، مع أنه يكفي أن يقول: نهى عن بيع الثمر قبل بدو صلاحها؛ لكن لما كان قد يتوهم واهم أن المنهي هو البائع وحده لأن الضرر إنما يخشى على المشتري قال: "نهى البائع والمبتاع".

<<  <  ج: ص:  >  >>