للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصدر مؤكد لمضمون الجملة الخبرية وهي قوله: «الديناران علي» كأنه قال: تلتزمهما التزام حق ثابت لا يتغير فقال أبو قتادة: نعم، فتضمن قوله رضي الله عنه تضمن التزاماً وإبراء التزاما على نفس وإبراء للميت، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وبرء منهما الميت، قال: نعم، فصلى عليه» وأصل الحديث في البخاري فالحديث صحيح.

يستفاد من الحديث عدة فوائد: أولاً: أنه من المقرر عند المسلمين أن الميت يغسل لقوله: «غسلناه» وهذا التغسيل واجب فرض، لكنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، والدليل على فرضيته قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته ناقته في عرفة قال: «اغسلوه بماء وسدر» وقوله صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: «اغسلنها ثلاثا أو خمساً ... إلخ» والأصل في الأمر الوجوب، وظاهر السنة أنه لا فرق بين أن يكون الميت نظيفاً أو غير نظيف حتى لو اغتسل قبل موته بدقائق، ثم مات، فإنه يجب أن يغسل، لأن الموت نفسه موجب الغسل.

ومن فوائد الحديث أيضا: أنه قد تقرر عند الصحابة رضي الله عنهم- مشروعية التحنيط لقوله: «وحنطماه» وليس التحنيط أن يطلي الميت بما يبقي بدنه، وإنما التحنيط أن يجعل فيه الطيب، ويدل على أن هذا أمر معتاد مشروع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذين خاطبهم في تغسيل الميت الذي مات في عرفة: «لا تحنطوه» وهذا يدل على أن من عاتهم تحنيط الميت.

ومن فوائد الحديث أيضا: أن من المتقرر عند الصحابة الكفن، وتكفين الميت فرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم «كفنوه في ثوبيه» والأصل في الأمر الوجوب فيجب أن يكفن يعني يغطى في ثوب يستر جميعه، ولهذا قال العلماء: إن الميت كله عورة يجب أن يكفن فإن لم يوجد ما يكفي وضع علي أوراق شجر، ولا يترك كما صنع الصحابة في مصعب بن عمير رضي الله عنه واستشهد في أحد وكان عليه بردة إن عطوا رأسه بدت رجلاه وإن غطوا رجليه بدا رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطي رأسه وأن يجعل على رجليه شيء من الإذخر ليسترهما.

ومن فوائد الحديث: حرص الصحابة على أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم على موتاهم، ويتفرع علي هذا أنه ينبغي أن نحرص على أن يصلي على الميت من كان أقرب إلى الإجابة لإيمانه وروعه لأن الصحابة كانوا يتحرون ذلك، أي: أن يصلي على موتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن فوائد الحديث: أنه لا حرج أن يسأل الإنسان عن المانع، هل وجد أم لا، وذلك أن الأصل في الميت المسلم أن يصلي عليه ولا يسأل عن حاله، لكن لا بأس أن نسأل عن المانع

<<  <  ج: ص:  >  >>