للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: في كل ما يقسم من الأرض والعقار وشبهها مما له حدود وطرق، وبناء على ذلك لا شفعة في منقول، ما هو المنقول؟ هو الذي ينقل كالسيارات والحبوب الثمار والثياب؛ لأن هذه كلها ليس لها حدود ولا طرق، ثم إن قوله: "إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق" استدل به أيضًا بعض الفقهاء على مسألة أخص من مطلق العقار، وقالوا: إن الشفعة لا تجوز إلا في عقار يمكن قسمه وتحديه، فأما ما لم يمكن قسمه من العقار فليس فيه شفعة، مثل البيوت الصغيرة والبساتين الصغيرة التي لا يمكن أن تقسم، فهذه ليس فيها شفعة، وبناء على هذا القول تكون الأشياء ثلاثة أقسام: منقول وعقار يمكن قسمته وعقار لا يمكن قسمته، فالمنقول ليس فيه شفعة، والعقار الذي لا يمكن قسمته ليس فيه شفعة، والعقار الذي يمكن قسمته فيه شفعة؛ لأن قوله: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق" يدل على أن هذا العقار مشترك يمكن أن تقع فيه الحدود وتصرف فيه الطرق، ولنضرب لهذا ثلاثة أمثلة: المثال الأول: رقم واحد واثنين شريكان في سيارة، فباع رقم اثنين على رقم ثلاثة نصيبه من السيارة فهل لرقم واحد أن يأخذه بالشفعة من رقم ثلاثة؟ لا، لماذا؟ لأن هذا منقول.

واحد واثنين شريكان في بيت صغير لا يمكن أن ينقسم فباع رقم اثنان على رقم ثلاثة نصيبه فهل لرقم واحد أن يشفع على رقم ثلاثة؟ لا، لماذا؟ لأنه لا تمكن قسمته، والحديث يقول: "إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة"، ومن المعلوم أن ضرر الشريك في عقار لا تمكن قسمته أعظم من ضرر الشريك الجديد في عقار تمكن قسمته، لماذا؟ لأن العقار الذي تمكن قسمته إذا رأى الشريك الأول ضررًا من الشريك الجديد قال لهم القسمة، وقال: قسمه وتخلص منه، لكن المشكل إذا كان العقار لا ينقسم فهذا لا يمكن أن يطلب القسمة؛ لأنه لو طلب القسمة قال: لا يمكن أن ينقسم وحينئذ يبقى ضرره متحققًا لا يمكن دفعه، وهذا لا شك أن الشريعة العادلة لا يمكن أن تثبت الشفعة فيما تمكن قسمته وتمنع الشفعة فيما لا تمكن قسمته؛ لأن هذا خلاف الصواب في المسألة.

إذن عندنا الآن ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الشفعة تثبت في كل شيء، القول الثاني: أن الشفعة تثبت في كل عقار يمكن قسمته أو لا يمكن، القول الثالث: لا تثبت إلا في عقار يمكن قسمته، وقد علمتم وجهة النظر من الحديث، ولكننا إذا تأملنا وجدنا أن القول الصحيح أن الشفعة ثابتة في كل شيء حتى في المنقول، فلو باع شخص سيارة، يعني: رقم واحد واثنان شريكان في سيارة باع رقم اثنان على رقم ثلاثة نصيبه من هذه السيارة فلرقم واحد أن يشفع على رقم ثلاثة ويأخذ نصيبه؛ لأن عموم قوله: "كل ما لم يقسم" يتناول هذه الصورة، فأما التفريع فإن القول الراجح أن ذكر الحكم لبعض أفراد العموم لا يقتضي تخصيص العموم،

<<  <  ج: ص:  >  >>