للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤلف: "وله علة"، والعلة - كما يقول [في الحاشية عندي]- لأنه رواه جماعة من الحفاظ عن أنس وآخرون عن الحسن عن سمرة وقالوا: هذا هو المحفوظ، لكن صحح ابن القطان الطريقين، وإن كان في سماع الحسن من سمرة خلاف.

يقول: "جار الدار أحق بالدار"، وهذه الأحقية هل هي أحقية شفعة، بمعنى: أنه يستحقها إذا بيعت أو أحقية أولوية، يعني: أنه ينبغي للجار أن يعرض على جاره قبل أن يبيع؟

هذا فيه خلاف؛ فمنهم من يرى الأول، يعني: أنه له الشفعة، يعني: أن الجار له الشفعة وهو أحق بالدار إذا بيعت، فله أن يأخذها بالشفعة، وقال آخرون: بل هو أحق؛ أي: أنه يراجع ويعرض عليه البيع أولاً؛ لأنه جار، ومن إكرامه والقيام بحقه أن تعرض عليه قبل أن تبيع؛ لأنه قد يأتي الجار ما ينكد عليه وربما يضره فكونك تراجعه هذا أولى وأقوم بحق الجار، وهذا القول هو الصحيح، أن المراد بالأحقية يعني أحق أن يباع عليه من غيره، فأما إذا بيع فقد تعلق بالشقص حق المشتري، والمشتري أولى من الجار؛ لأنه لا علاقة بين الجار وجاره إلا حق الجوار فقط، أما الملك فملكه مستقل، فلا يمكن أن يرجع أو أن يسقط حق المشتري حتى يعرضه على الجار.

٨٦٢ - وعن أبي رافعٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجار أحق بصقبه». أخرجه البخاري، وفيه قصة.

"بصقبه" أي: بجواره وقربه، والباء إما أن تكون للتعدية، أي: تعدية الحق، وإما أن تكون للسببية أي: أحق بما جواره؛ لأنه قريب وأيًا كان هذا أو هذا فإنها تدل على أن الجار أحق من غير الجار بسبب قربه وجواره وهذه الأحقية ما هي؟ نقول فيها ما قلنا في الحديث الأول: إما أنها أحقية شفعة، وإما أنها أحقية جوار ومراجعة وعرض قبل أن تباع، والثاني هو الصحيح؛ لأن الأحاديث السابقة كلها تدل على أن الجار ليس له الحق في الشفعة إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.

٨٦٣ - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا». رواه أحمد، والأربعة، ورجاله ثقات.

قال: "إذا كان طريقهما واحدًا" فهنا الحديث صريح بأن المراد بالأحقية أحقية الشفعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>