للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن يكون بشيء معلوم من جنسه لا منه هذا جائز.

الثالث: أن يكون بجزء مشاع كنصف وثلث وربع هذا أيضًا جائز، وهو في الحقيقة مزارعة.

الرابع: أن يكون بذهب وفضة أو غيرهما مما يجوز أجرة فهذا أيضًا جائز ولا بأس به ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز المؤاجرة بشيء معلوم لأحدهما من الخارج من الأرض مثل الماذيانات وأقبال الجداول، وما على البركة من النخل وما أشبه ذلك، هذا لا يجوز؛ لأنه غرر، والمشاركة مبنية على التساوي في المغنم والمغرم.

ومن فوائد الحديث: كمال الشريعة الإسلامية؛ وذلك بتحريم المعاملات المتضمنة للغرر لما في هذه المعاملات من إلقاء العداوة والبغضاء؛ لأنها إذا كانت غير مبنية على العدل، فإن من يتصور نفسه مغلوبًا فسوف يكون في نفسه شيء على الغالب فتقع العداوة بين المسلمين.

ومن فوائد الحديث: حرص الشرع على إبعاد الناس عن كل ما يلقي العداوة والبغضاء بينهم لأننا نعلم أن الحكمة في منع معاملات المغالبات هي اتقاء ما يحصل بها من العداوة والبغضاء، ودليل ذلك قوله تعالى: {يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس} [البقرة: ٢١٩]. وبين الله تعالى أن إثمهما أكبر من نفعهما، وقال: {يأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلم رجس من عمل الشيطن فاجتنبوه لعلمكم تفلحون إنما يريد الشطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم} [المائدة: ٩٠، ٩١]. الخمر واضح أنه يلقي بالعداوة؛ لأنه ربما يجترئ السكران على من عنده بالأذى والضرر، وربما بالقتل، والميسر كذلك؛ لأن المغلوب سوف يكون في قلبه شيء على الغالب وربما يقول: إنك لم تغلبني، ويحصل نزاع وعداوة.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للمسئول إذا سئل عن شيء أن يبين الجائز والممنوع إذا كان يحتاج إلى تفصيل، بل قد يجب عليه؛ لأن رافع بين خديج بين ما هو جائز وما هو ممنوع.

ومن فوائد الحديث: أن الدين الإسلامي أصلح المعاملات الجارية بين الناس في الجاهلية كما أصلح العبادات؛ لأنهم في الجاهلية يؤاجرون على هذا الوجه الذي فيه الغرر، فأصلحه الشرع، مثل: المضاربة، فإن المضاربة كانت معروفة في الجاهلية فأقرها الشرع، ومنها ما منع الشرع ما كان محرمًا مائة وأبقى ما كان جائزًا كالربا مثلاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في عرفة، قال: ربا الجاهلية موضوع وأبقى رأس المال، فقال: «وأول ربًا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله»، فهنا أجاز النبي صلى الله عليه وسلم أصل رأس المال ومنع الزيادة، القسم الثالث: ما عدله يعني: معناه أنه كان يتعامل به الناس على وجه غير مرضي

<<  <  ج: ص:  >  >>