للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والولي عليها ولي الأمر إلا بإذنه، وهذا إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وهو مذهب أبي حنيفة أيضًا.

القول الثاني: أنه لا يشترط إذن الإمام وأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له» من باب التشريع الإذن الشرعي والتمليك الشرعي، وليس من باب الإذن السلطاني، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم قال قولاً تشريعيًا وليس تنظيميًا، وبناء على هذا فإذا أحيا الإنسان أرضًا ميتة فهي له؛ لأن هذه ليست ملكًا لأحد، قالوا: وكما أن الإنسان إذا خرج إلى البر واحتش الحشيش واحتطب الحطب واستسقى من النهر وما أشبه ذلك، فإنه لا يشترط فيه إذن الإمام بالاتفاق فهذا كذلك لا يشترط فيه إذن الإمام، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد أنه يملكه أي: يملك ما أحياه سواء أذن الإمام أم لم يأذن، وأجاب الآخرون أعني: الأولين عن الماء والكلأ، وقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم شرك الناس فيها فقال: «الناس شركاء في ثلاثة: الماء، والكلأ، والنار»، ولم يقل: والأرض، فإذا لم يقل: والأرض صار تدبير الأرض إلى ولي الأمر، ولكن الذي يظهر أن القول الصحيح أن من أحيا أرضًا ميتة فهي له، وذلك لأن الأصل في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أنه تشريع لا تنظيم حتى يقوم دليل على أنه تنظيم.

ولهذا قلنا: إن الإنسان إذا قتل قتيلاً في الحرب فله سلبه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل قتيلاً فله سلبه» يعني: ما عليه من الثياب وما أشبهها.

ومن العلماء من قال: إن المراد بحديث: "من قتل قتيلاً" هو أيضًا الإذن السلطاني، وأنه لا يملك المقاتل سلب القتيل إلا إذا قال قائد الجيش: "من قتل قتيلاً فله سلبه.

على كل حال: القاعدة الأصلية: أن الأصل في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم هو التشريع، ولكن لو أن ولي الأمر منع من الإحياء إلا بإذنه فله ذلك؛ لأنه قد يرى من المصلحة تنظيم الإحياء حتى لا يعتدي الناس بعضهم على بعض، ولا يحصل نزاع، وتكون المسألة تخطط الأراضي وما أشبه ذلك من قبل الدولة، وترقم، ومن جاء من الناس يحيي قلنا له: هذه أرضك.

<<  <  ج: ص:  >  >>