للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أعلم الأمة على تقدير صحة الحديث فإنه لا يقتضي أن يكون معصومًا، لأنه لا يوحى إليه، عل كل حال أخذ بهذا كثير من العلماء واختاروا من أجله مذهب زيد بن ثابت، ومنهم الشافعي كما قال صاحب الرحبية:

(فكان أولى باتباع التابعي ... لاسيما وقد نحاهُ الشافعي)

ولكن مع ذلك نقول: إنه وإن تابعه من تابعه من العلماء، فإنه ليس معصوما من الخطأ، ولهذا تجدون الخطأ واضحًا في مسألة الجد والإخوة، وتفاصيله وتقسماته تدل على ضعفه، وأنه قول لا أصل له، لأنكم تعرفون فيه تقسيمات، يقسم أولاً إلى قسمين: أن يكون معه صاحب فرض، وألا يكون، وإذا لم يكن معه صاحب فرض يُخيّر الجد بين المقاسمة أو ثلث المال، وإذا كان معه صاحب فرض يخير بين المقاسمة أو ثلث المال أو السدس إلا إذا لم يبق إلا السدس، فإنه يأخذه الجد إلا في الأكثرية استثناء، ثانيا: فإنه يفرض للأخت ثم يقسم بينهما وبين الجد هذه التقسيمات لو كانت صحيحة لوجدت في القرآن والسنة لما أراد الله (صلى الله عليه وسلم) بيان تصيب الأم المقسم بينه {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُث} [النساء: ١١]. مع أن التقسيم فيه دون التقسيم في باب الجد والإخوة كما أن باب الجد والإخوة فيه أيضا شيء من الظلم؛ لأنك إذا جعلت الإخوة في منزلة الجد فإما أن تعطيهم كما تعطي الجد وإما ألا تكون عدلاً بينهم، فالحاصل أن هذا المذهب الذي هو مذهب زيد (رضي الله عنه) في باب الجد والإخوة بين الضعف وبه يتبين أنه مهما كان الحديث المذكور صحيحًا فإنه لا يعنى عصمة زيد من الخطأ.

[٢١ - باب الوصايا]

المؤلف جعل الوصية بعل الفرائض، ولكن الفقهاء من الحنابلة جعلوا الوصايا قبل الفرائض وترتيب فقهاء الحنابلة أقرب للصواب:

أولاً: لأن الوصية تكون قبل الموت.

وثانيًا: أن الوصية مقدّمة على الميراث، كيف ذلك؟ لو أن رجلاً أوصى بثلثه وهلك عن أمه وأخيه الشقيق وخلف عشرين ريالاً، بل خلف واحد وعشرين ريالاً، الوصية لها الثلث، والأم مع الأخ الشقيق لها الثلث، والباقي الثلث للأخ الشقيق، هنا لو قلنا إن الوصية لا تُقدّم

<<  <  ج: ص:  >  >>