للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزكاة ولا التطوع، فقال: «هو عليها صدقة ولنا هدية»، فجاءوا به فأكل منه، فهذه من بركات هذه المرأة أنه حصل للأمة هذه السنة العظيمة أن من قبض شيئاً ومَلَكه فله أن يُملكه من لا يحل له تملكه، هذه قاعدة مفيدة، هذا لأن التحريم إنما جاء من حيث الكسب، أما ما كان محرماً لعينه فهذا لا يحل لأحد، لو أن شخصاً ملك خمراً وأراد أن يهبها لأحد قلنا: هذا حرام، لو أن شخصاً سرق مال شخص وأراد أن يهبه لأحد، قلنا: هذا حرام، لأنه محرم لعينه إلا إذا رضي صاحب المال، أما المحرم للكسب فإن هذا يتبع السبب إن كان السبب مباحاً فهو حلال وإن كان غير مباح فهو حرام، الشاهد من هذا أنها خيرت. وقوله: «ولمسلم ... » إلخ فهذه روايات مختلفة أولاً: أن زوجها كان عبداً، هذه رواية، رواية أخرى: «كان حراً» رواية مؤيدة للأولى أنه كان عبداً وهذا أرجح أنه كان عبداً، ومن ثم اختلف العلماء من أجل اختلاف هذه الروايات، هل إذا عتقت الأمة تحت حر يكون لها الخيار؟ على قولين لأهل العلم، أما إذا كانت تحت عبد فالخيار لها واضح، لأنها إذا عتقت وهو عبد صارت أعلى منه، لأنها صارت حرة وهو عبد، فلما صارت أعلى منه قلنا: لكِ الخيار الآن أن تبقي مع من هو دونك أو أن تفسخي النكاح لكن إذا عتقت تحت حر، وهل يمكن للأمة أن تتزوج حراً؟ نعم بالشرطين اللذين ذكرهما الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ} [النساء: ٢٥]. ثلاثة شروط:

الأول: أنه لا يستطيع مهر الحرة.

الثاني: أن تكون الأمة مؤمنة لا كتابية ولا غير كتابية.

الثالث: أن يخاف العَنَت، فإذا تزوج الحر جارية بهذه الشروط ثم عتقت عتقها سيدها فهل لها الخيار؟ نقول: في هذا قولان لأهل العلم منهم من قال: إنه لا خيار لها؛ لأن غاية ما حصل أنها ارتقت إلى مرتبة توازن الزوج فلا خيار لها، وهذا هو الأرجح، ومنهم من قال: لها الخيار، واستدل ببعض ألفاظ هذا الحديث أن زوج بريرة كان حراً، وعلل ذلك بأنه إنما ثبت لها الخيار، لأنها ملكت نفسها ومن حين زوجت وهي أمة زوجها سيدها، ولكن يقال في الرد على هذا التعليل: إذا كان زوجها سيدها باختيارها ورضاها فإنه لا ضرر عليها هي لم تكره،

<<  <  ج: ص:  >  >>