للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر رفع الحرج ما دمت تعلم أن الرجل لا يهتم بهذا الأمر, بل هو يفرح من أجل أن يأكل مما يليك فإن هذا لا بأس به.

وقوله: «كل مما يليك» هل يشمل ما إذا كان لك شريك أو لا؟ بمعنى إذا كنت تأكل وحدك فهل تقول: إن الأفضل أن تأكل مما يليك أو لك أن تأكل من الجانب الآخر إذا كنت وحدك؟ أما ظاهر الحديث فالعموم, وأما قرينة الحال فهي لمن له شريك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب هذا الغلام وهو يأكل معه, فيكون هذا النوع من الأدب إنما هو لمن له شريك, أما من ليس له شريك فليأكل مما شاء إلا ما استثنى مما سيذكره في الحديث الآتي.

[آداب الطعام]

١٠٠٧ - وعن ابن عباس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بقصعةٍ من ثريدٍ, فقال: كلوا من جوانبها, ولا تأكلوا من وسطها, فإن البركة تنزل في وسطها». رواه الأربعة, وهذا لفظ النسائي, وسندهُ صحيحٌ.

"أتى بقصعةٍ" القصعة هي الصحفة, والثريد هو ما ذكره الناظم في قوله: [الوافر]

(إذا ما الخبز تؤدمه بلحم ... فذاك أمانة الله الثََّريد)

إذن الثريد هو الخبز المؤدم باللحم, ثم قد يكون مرفقاً, وقد يكون مجففاً, فإذا كان خبزاً يغمس في الإدام, ويؤكل فهو ثريد مجفف, وإذا كان مرقوقاً يعني: طبخ من اللحم وهذا ثريد مرقق, يقول أحد الشعراء: [الرجز].

(جارية لم تأكل المرفقا ... ولم تدق من البقول الفستقا)

يعني: أن حالتها رديئة ليس عندها غنى, وقوله: «فقال: كلوا من جوانبه» هذا يتضمن أمرين: الأول: الإباحة الأكل منها, والثاني: أن يكون الأكل من الجوانب, وكل إنسان يأكل من الجانب الذي يليه, «ولا تأكلوا من وسطها» يعني: أعلاها, «فإن البركة ننزل في وسطها».

قد يقول قائل: هذا التعليل يناقض الحكم لأنه قال: «لا تأكلوا من وسطها» ثم قال: «فإن البركة تنزل في وسطها» , إذا كانت تنزل في الوسط لماذا لا آكل من الوسط من أجل الحصول على البركة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>