للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: إذا كانت البركة تنزل في الوسط فأنت إذا أكلت الوسط من أول ما تأكل نزعت البركة راحت, فلهذا يبقى الوصف قائماً ويؤكل من الجوانب, فإن كانوا شرهين واسعي البطون وقضوا على الوسط والجوانب يأكلوا ويجعلوا الوسط في الآخر.

في هذا الحديث فوائد عديدة: منها: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم في أكل الصبيان معه.

ومنها: أنه ينبغي في الخطاب أن ينادي المخاطب وإن كان قريباً للتنبيه لقوله: «يا غلام» , إذ من الممكن أن النبي صلى الله عليه وسلم ينبه بدون أن يناديه, لكن النداء يوجب تنبه المخاطب ولهذا جاءت بصيغة "يا" التي ينادى بها البعيد, بخلاف "أي" التي ينادى بها القريب, فالقريب نقول: "أي زيد" والبعيد نقول: "يا زيد".

ومن فوائد الحديث: حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث وجد الخطاب إلى هذا الغلام الصغير بياء النداء الدالة على البعد والتفخيم: «يا غلام».

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي بالصبيان في التربية على أخلاق الإسلام وآدابه, بل قد نقول: إنه يجب يربوا على أخلاق الإسلام وآدابه؛ لأن الصغير إذا تربى على الشيء استمر عليه ويصعب إذا كبر أن يربي على شي لم يكن يعرفه من قبل, وجه الدلالة من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الغلام بما أمره.

ومن فوائد الحديث: وجوب التسمية على الأكل لقوله: "سم الله".

فإن قال القائل: في الاستنباط نظر؛ لأن الصغير غير ملزم, والواجبات في حق الكبير سنن في حق الصغير؟

فالجواب عن ذلك أن نقول: إنه إذا أمر الصغير بالتسمية وهو غير مكلف فالمكلف من باب أولى, ويؤيد وجوب التسمية على الأكل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من لم يسم شاركه الشيطان في أكله وشربه وهذا تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم من ترك التسمية؛ إذ لا أحد يرضى أن يشاركه الشيطان في غذائه من طعام أو شراب أعدى عدو له.

ومن فوائد الحديث: أنه يقتصر على «باسم الله» لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر ما زاد عليها ولكن مع ذلك لو قال: «الرحمن الرحيم» فلا حرج ما لم يقتصد في قصور السنة وأنه يريد أن يكملها بزيادة الرحمن الرحيم, فإن اعتقد ذلك كان خاطئاً ومنع من ذلك, لكن لو قالها على سبيل التعبد لله بها لا على أن السنة قاصرة فلا حرج, لأن مثل هذه الأمور مما جرت المسامحة فيه.

ومن فوائد الحديث: وجوب الأكل باليمين, لقوله: «كل بيمينك» والأمر للوجوب, ويرد على هذا الأمر ما ورد على الأمر بالتسمية, ويجاب عنه بما أجيب به عن الأمر بالتسمية بأنه إذا كان غير المكلف مأموراً فالمكلف من باب أولى, ويؤيد وجوب الأكل باليمين نهي النبي صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>