للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فوائد هذا الحديث - وهو من مفهومه-: أنه يجوز الاغتسال في الماء الدائم عن غير جنابة كما لو اغتسل للتنظيف أو اغتسل غسلا مستحبا كما لو أفاق من إغماء واغتسل غسلا فهذا مستحب.

فهل نقول بهذا المفهوم أو نقول: المفهوم فيه تفصيل؟ نقول: المفهوم فيه التفصيل؛ لأن الإنسان إذا اغتسل في الماء الدائم من غير جناية قد يكون جسده ملوثا بأذى يؤذي الناس برائحته وإن لم ينغمس في الماء؛ فهذا نقول: إنه ينهى عن أن يغتسل في الماء الدائم، لكن نأخذ هذا من الحديث أو من القواعد العامة؟

القواعد العامة في أن الإنسان لا يجوز أن يؤذي المسلمين، وهذا يؤذي المسلمين؛ لأن المقصود: أنه في غدير، كل يأتي ويغتسل منها ويشرب منها، فإذا كان في الإنسان وسخ كثير يتغير به الماء حتى يطفو على سطح الماء ما يكون كالدهن من الأذى الذي يكون بالجلد؛ فهذا لا شك أنه ينهي عنه من أجل أنه يقذره ويكون هذا داخلا في القواعد العامة. أما لو كان البدن نظيفا واغتسل فيه من غير جنابة فالحديث يدل على الجواز.

ومن فوائد هذا الحديث: ذكر الجنب، فما هو الجنب؟ الجنب: من لزمه الغسل عن جماع أو إنزال. هذا الجنب، وقد كان كثير من الناس ولا سيما السباب الذي تزوج أخيرا يظن أنه لا غسل بالجماع المجرد، وهذا خطأ وينبغي لطالب العلم أن ينشر بين الناس أن الجماع يوجب الغسل وإن لم يحصل إنزال، بعض الناس يسألنا له شهر أو شهران أو أكثر لا يغتسل من الجنابة إلا إذا كان هناك إنزال وهذا خطأ.

لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث في هذا الباب؟ إشارة إلى قول بعض العلماء - رحمهم الله- أنه إذا اغتسل في الماء الدائم وهو جنب فإنه يكون نجسا، وبعضهم يقول: إنه يكون طاهرا وغير مطهر، ونحن نقول: الحديث لا يدل لا على هذا لا على هذا، أما الأول: فما أبعد دلالته عليه كيف يكون نجسا والجنب طاهر، إن أبا هريرة كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق فانخنس - يعني: انسل في خفية- واغتسل ثم حضر، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "أين كنت يا أبا هريرة؟ " قال: كنت جنبا فكرهت أن أجالسك على غير طهارة، فقال: "سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس".

فقال: "إن المؤمن" إشارة إلى أن أبا هريرة لما فهم أن الجنب لا يجالس الشرفاء والعظماء بين له أنه لا ينجس وهو جنب، فالقول بأن الماء ينجس قول ضعيف جدا، وأما القول بأنه يكون طاهرا غير مطهر فهو غير مسلم به لأمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>