للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أن أولياء المقتول عمدًا يخيرون بين الدية وبين القصاص، ولكن هذا التخيير بعد أن تتم شروط القصاص إذا تمت شروط القصاص حينئذ يخيرون أما إذا اختل شرط واحد منها فإنهم لا قصاص لهم فلو كانوا أهل كتاب وقتل مسلم واحدًا منهم فهل يخيرون بين العقل والقود؟ لا لعدم شروط القصاص وكذلك لو أن حرًا قتل عبدًا فهل يخير أولياء العبد بين القصاص والدية على القول بأنه لا يقتل الحر بالعبد؟ لا، وهلم جرُّا، المهم إذا تمت الشروط خير أهل القتيل وهم ورثته بين هذين الشيئين.

ومن فوائد الحديث: أنه ليس هناك شيء ثالث فيما يعوض به عن القتيل، وإنما قلنا: يعوض به عن القتيل ليخرج العفو مجانًا فيقال لأولياء المقتول إما أن تقتلوا وإما أن تأخذوا الدية فقط، وأما العفو فليس واردًا في هذا الحديث وعلى هذا فلو قال أولياء المقتول لا نسقط القصاص إلا بديتين أو ثلاثًا أو أربعًا أو عشرًا منعوا وقيل: إما أن تقتلوا وإما أن تأخذوا الدية، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم وقالوا: إنه لا يمكن المصالحة عن الدية بأكثر منها لأن الدية عوض مقدر شرعًا وما قدر شرعًا فإنه لا يجوز تجاوزه وقال بعض العلماء بل يجوز المصالحة عن القصاص بأكثر من دية لأن أولياء المقتول إذا قالوا إذا كنتم لا تريدون أن تعطوننا إلا الدية فسنقتله فقال أولياء القاتل أو القاتل نفسه أنا أدفع ديتين، أنا أريد أن أفدي نفسي الواجب شرعًا دية لكن إذا كنتم مصممين على القتال فأنا أريد أن أفدي نفسي بزيادة، فإذا ردوا بذلك فما المانع؟ والجواب عن القول بأن هذا مقدر شرعًا أن المراد به: ألا يقل عن مائة من الإبل فلو قال، من تلزمه الدية؟ نحن لا نعطيكم إلا خمسين أو ثمانين نقول: لا وهذا القول أرجح؛ وذلك لدعاء الحاجة إليه لأن الذي سيحتاج إليه من؟ القاتل وأولياؤه ربما يكون القاتل غنيًّا، وأولياؤه أغنياء ولا يهمهم أن يبذلوا ديتين أو ثلاثًا أو عشرًا المهم أن يبقى صاحبهم فما المانع من هذا ولكن يقال الأولى لأولياء المقتول أن يقتصروا على الدية؛ لأن ذلك ربما يكون أبرك لهم وأنفع وإذا بارك الله في المال نما وزاد وإذا نزعت البركة منه نقص وزال، لو أن أولياء المقتول اختلفوا بعضهم يريد القصاص وقال آخرون نريد الدية فمن القول قوله؟ القول قول من يطلب الدية لأن الله تعالى قال في القرآن {فمن عفا له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف} أي من المقتول شيء وشيء نكرة في سياق الشرط تشمل أدنى شيء فلو أن واحدًا من الورثة لا يرث إلا واحدًا من ألف، وأسقط القصاص وقال أنا أريد الدية سقط القصاص ووجبت الدية لقوله: {فمن عفا له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف} أما الدليل النظر فإنه لما سقط القصاص بحق هذا الرجل صار القصاص الآن واجبًا في هذا الرجل إلا واحدًا من ألف والقصاص لا يتبعض فكيف نقتله تسعمائة وتسع وتسعين قتلة هل يمكن هذا؟ لا يمكن فصار الدليل الأثري والنظري على أنه إذا عفا بعض أوليا المقتول فإنه يسقط القصاص ويترتب على

<<  <  ج: ص:  >  >>