للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكتفى بكلام محيصة لشهودة القصة أو لأن المقصود ذكر القضية لا المطالبة وإلا لو كان المقصود المطالبة لكان أحق الناس أن يتكلم عبد الرحمن فتكلم حُويصة يقال حُويصة ويقال حُويِّصة، يعني: بتخفيف الياء وتشديدها والتشديد أشهر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب ومعلوم أن هذا ليس بحكم ولكنه فتيّا لأن الرسول لا يحكم على غائب فكتب إليهم في ذلك لينظر ماذا عندهم لأنه حتى الآن لم يُسأل المدعى عليه فكتبوا والله ما قتلناه كما قالوا لمحيصة فقال لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن بن سهل ... إلخ القائل هو الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهؤلاء الثلاثة الذين جاءوا يقصون عليه القصة "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم"، قوله: "أتحلفون" ظاهره أن الخطاب موجه للثلاثة وتوجيهه لعبد الرحمن واضح؛ لأنه وارث الدم لكن المشكل توجيهه لحويصة ومحيصة لأنهما ليس لهما حق في الدم؟ فيقال: إن هذا من باب التغليب ولأنهما لما جاءا يطالبان بالدم صح توجيه الخطاب إليهما، ثم إنه عندما يوجه التحليف فعلا فالذي يحلف هم ورثة عبد الله بن سهل وهو أخوه وإذا كان هناك وارث آخر وبهذا يزول الإشكال هذا ما ذكره العلماء وقروه ويحتمل أن القضية أصبحت ليست قضية عين أو شخصية، قضية بين قبيلة وقبيلة بدليل أن القوم جاءوا مع عبد الرحمن بن سهل وأن الذين اتهموا في القتل قبيلة يهود فيحتمل أنه إذا كانت المسألة هكذا أن يحلف من كبراء القوم من هؤلاء وهؤلاء ما يجب عليهم من الأيمان هذا ما يظهر، لكن عندما نريد أن نحقق حسب القواعد الفقهية نقول إن الذي يحلف هو من يرث الدم وحينئذ يكون الخطاب كما أشرنا إليه أولاً أنه خاطب الجميع، لأنهم جاءوا يطالبون بالدم وعندما يراد التحليف يتوجه الحلف إلى ورثة عبد الله بن سهل قالوا: لا لا نحلف وقد عللوا ذلك في رواية أخرى: أنهم لم يروا ولم يشهدوا، فكيف نحلف فتركوا اليمين لأنهم ليس عندهم شيء يعتمدون عليه، فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال يحلف لكم يهود وهنا لم يذكر كم يحلف اليهود لكن في رواية أخرى أنهم يحلفون خمسين يمينًا بأنهم ما قتلوا قالوا ليسوا مسلمين، يعني: وإذا كانوا غير مسلمين فإنهم لا يؤمنون أن يحلفوا وهم كاذبون، "فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم من عنده"، وداه يعني: أدى ديته؛ أي: دية القتيل، وذلك لأنه لم يثبت القتل على أحد؛ لأن المدعيين أبوا أن يلفوا وأبوا أن يرضوا بأيمان المدعى عليهم، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يهدر دمه فوداه من عنده فبعث إليهم مائة ناقة ... إلخ.

بقي أن يقال متى كان هذا؟ الذهاب إلى خيبر؟ نقول: كان بعد فتحها ذهبوا إليها وهي يومئذ صلح لكن هل هو في أول سنة هذا لا يهم المهم أن القضية وقعت بعد أن فتحت خيبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>