للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٤٦ - وعن رجلٍ من الأنصار رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرَّ القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ناسٍ من الأنصار في قتيلٍ ادَّعوه على اليهود". رواه مسلم.

قوله: "أقر القسامة"، أولاً: الرجل من الأنصار مجهول، لكن لا يضر جهالته؛ لأنه صحابي؛ والصحابي لا تضر جهالته لأن الصحابة كلهم عدول، وقوله: أقرها، يعني: حكم بها، وقوله: "على ما كانت عليه في الجاهلية ننظر كيف كانت القسامة في عهد الرسول وتكون القسامة في الجاهلية كما كانت عليه في عهد الرسول، وهي أن يوجد قتيل عند قبيلة أعداء، لكون هذا القتيل تتهم به هذه القبيلة فتشرع القسامة، وقوله: "وقضى بها ... إلخ" هل هي قصة عبد الله بن سهل أو غيره؟ هي هي، هذا هو الظاهر.

وعلى كل حال يستفاد من هذا الحديث فوائد: أولاً: الحكم بالقسامة وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء وأنكرها بعض العلماء، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ووجه إنكارهم إياها أنها خارج عن قواعد الدعاوي، وقد أشرنا قبل هذا الدرس إلى الوجوه التي خرجت بها عن قاعدة الدعاوي وأجبنا عن ذلك بما فيه الكفاية وسبق وأما الجمهور فحكموا بها ولكن أما على وفق ما جاء به النص فمتفق عليه بين الاثنين، يعني: في دعوى قتل قتيل قُتل عند قبيلة معادية هذا لا أحد من الجمهور يخالفه، لكن فيه بعض مسائل سيأتي التنبيه عليها.

ومن فوائد الحديث: أننا لا نأمن من اليهود، يعني: معناه أن اليهود ليسوا أمناء ودليل ذلك أن ظاهر الحال أنهم هم الذين قتلوا عبد الله بن سهل ولا غرابة أن يغدروا، فهم عاهدوا الرسول، القبائل الثلاثة بنو النضير وبنو قينقاع وبنو قريظة كلهم عاهدوا الرسول حين جاء المدينة وكلهم نقضوا العهد، وهم من أغدر الناس، وأكذب الناس، وهم الطائفة التي وصفها ابن القيم ي كتابه: "إغاثة اللهفان" بالأمة الغضبية؛ يعني: المغضوب عليهم.

ومن فوائد الحديث: أنه إذا قُتل شخص ولم يُعلم عن قاتله وليس هناك عداوة توجب التهمة فإنه لا قسامة، وجه ذلك: أن العداوة بين الأنصار واليهود ظاهرة فمن أجلها أُجريت القسامة، أما إذا لم يكن عداوة فإننا لا نقبل من المدعي دعوة القتل إلا ببينة أو اعتراف من المدعى عليه وهل يحلف، يعني: في غير موضع القسامة هل يحلف المدعى عليه أو لا، يعني: رجل ادعى أن قاتل أبيه فلان بدون عداوة وبدون لوث فهل يُحلَّف المدعى عليه؟ قال العلماء: إن كانت الدعوى في القتل الخطأ فإنه يحلف المدعى عليه وإن كانت في قتل عمد

<<  <  ج: ص:  >  >>