للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لعنة المخنثين والمترجلات]

١١٧١ - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنَّثين من الرِّجال، والمترجِّلات من النِّساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم". رواه البخاريُّ

"لعن" أي: دعا عليهم باللعنة، فقال: اللهم العن، أو قال: لعنة الله على كذا، فعبر عنها الراوي بقوله لعن، والمخنث والمؤنث والمذكر هذه ثلاث كلمات، المذكر للذكور الخلص، والمؤنث للإناث الخلص، والمخنث لما بينهما، رجل لكن طبائعه طبائع النساء، في كلامه، في مشيته، في هيئته، إذا سمعت كلامه وأنت لم تره ظننت أنه امرأة، فهذا هو المخنث طبائعه كطبائع النساء، لكن جسده جسد الذكور، المخنثون عادة يدخلون البيوت ولا تهتم بهم النساء؛ لأن طبيعتهم كطبيعة المرأة فلا تهتم به ولا تهابه ولا تخاف منه، ولكن كم من عود فيه جذوة نار، ربما يكون هو مخنثًا ولكن معه شهوة الرجال فيخشى عليه مع اطمئنان النساء إليه أن يفعل الفاحشة، ولهذا لعن الرسول المخنثين من الرجال، وقيل: إن معنى المخنث الذي يتشبه بالنساء وإن كان هو طبيعته طبيعة الذكر لكن يتشبه بالنساء في الكلام وفي المشية، والفرق بين القولين ظاهر، القول الأول: أن المخنث مخنث بطبيعته، والثاني: مخنث بتطبعه، ويؤيد هذا القول قوله: "المترجلات من النساء"، المترجلات اللاتي يحذون حذو الرجال في الهيئة والكلام والحركة وفي المشية، إذا رأيتها قلت: هذه رجل تمشي على الأرض بظاهر القدم كأنها فرس، وتتكلم بكلام جذم كلام الرجال وتجادل مع الرجال وتخالط الرجال، وكأنها رجل منهم، المهم أنها مترجلة أي: جاعلة نفسها بمنزلة الرجل، هذه ملعونة لعنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقوله: "من النساء"، بيان لأن "أل" هنا اسم موصول؛ لأن ابن مالك يقول:

ومن وما وأل تساوي ما ذكر

ثم قال في صلتها:

وصفةٌ صريحةٌ صلة أل

إذن "أل" الداخلة على اسم الفاعل واسم المفعول تكون اسمًا موصولًا، لكن لا تعرب؛ لأنها على صورة الحرف فينتقل إعرابها إلى ما بعدها، فالمترجلات إذا كانت "أل" اسمًا موصولًا فتحتاج إلى بيان، المترجلات من أين؟ من النساء؛ ولهذا نقول: "من" هذه بيانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>