للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة، وبقي على هذا ثلاث عشرة سنة لم يؤمر بالجهاد مع شدة الإيذاء له ولمتبعيه صلى الله عليه وسلم وقلة التكاليف، أكثر أركان الإسلام وما وجبت إلا في المدينة، ولكن هل أمروا بالقتال؟ لا، لماذا؟ لأنهم لا يستطيعون، هم خائفون على أنفسهم، إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة خائفًا على نفسه وهذا معروف، ولذلك لم يوجب الله عز وجل القتال إلا بعد أن صار للأمة الإسلامية دولة وقوة: } أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير {] الحج: ٣٩ [.

وعلى هذا فإذا قال لنا قائل: الآن لماذا لا نحارب أمريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا؟

فالجواب أن يقال: لعدم القدرة، الأسلحة التي قد ذهب عصرها عندهم هي التي بأيدينا وهي عند أسلحتهم بمنزلة السكاكين الموجودة عند الصواريخ ما تفيد شيئًا، فكيف يمكن أن نقاتل هؤلاء؟ !

ولهذا أقول: إن من الحمق أن يقول قائل: إنه يجب علينا الآن أن تقاتل أمريكا وفرنسا وانجلترا وروسيا، هذا تأباه حكمة الله عز وجل ويأباه شرعنا، لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله عز وجل: } وأعدُّوا لهم ما استطعت من قوة {] الأنفال: ٦٠ [. هذا الواجب علينا أن نعد لهم ما استطعنا من قوة نعدها هو الإيمان والتقوى؛ لأننا بالإيمان والتقوى سوف نقضي على أهوائنا، ونقضي على تكاسلنا، ونقضي على محبتنا للدنيا، لأننا الآن نحب الدُّنيا ونكره الموت.

الصحابة المجاهدون حالهم عكس حالنا يريدون الموت ويكرهون الحياة في الذل، فالواجب أن نعد ما استطعنا من قوة وأولها الإيمان والتقوى ثمَّ التسلح، الذي علَّم هؤلاء ألا يعلمنا؟ ّ! يعلمنا لكننا لم نتحرك ثم في الواقع لو تحركنا كمخت الرءوس ما نستطيع، ولا حاجة إلى أن نعين لكم أنهم إذا رأوا دولة يمكن أن تنتعش بالأسلحة فعلوا ما فعلوا مما هو معلوم لكم.

أقول: إن الواجب الآن أن نستعيد بالإيمان والتقوى، وأن نبذل الجهد والشيء الذي لا نقدر عليه نحن غير مكلفين به ونستعين الله عز وجل على هؤلاء الأعداء، ونحن نعلم أن الله عز وجل لو شاء لانتصر منهم كما قال تعالى: } ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم {] محمد: ٤ [. يعني: حتى لو ابتلى بعضنا ببعض وقتل من قتل منا فإن الله لا يضل أعمال هؤلاء الذين قتلوا في سبيله سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفا لهم.

فالحاصل: الذي أحب أن أقوله وأؤكده أنه لابد من القدرة، أما مع عدم القدرة فإن الشرع والقدر يتفقان بأنه لا يجب علينا أن نتحرك ما دمنا لا نستطيع الواقع، والشرع كله يدل على هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>