للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٢ - ولهما من حديث ميمونة رضي الله عنها: "ثم أفرغ على فرجه، وغسله بشماله، ثم ضرب بها الأرض".

وفي رواية: : "فمسحها بالتراب". وفي آخره: "ثم أتيته بالمنديل فرده"، وفيه: "وجعل ينفض الماء بيده".

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة" "من" هنا سببية؛ أي: إذا اغتسل غسلا سببه الجنابة، و "الجنابة" في الأصل مأخوذة من المباعدة، وهي شرعا: إنزال المني بشهوة، أو إيلاج الذكر في الفرج - يعني الجماع، أو ألإنزال بشهوة-.

قولها: "يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه"، يغسل يديه أولا؛ وذلك لأن اليدين هما آلة الغسل والتنظيف، فكان الاعتناء بهما أولا هو الأنسب.

قولها: "ثم يفرغ بيمينه على شماله" يعني: بعد أن يغسل يديه يأخذ الماء من الإناء بيمينه يفرغها على شماله، ويحتمل أن المعنى: يفرغ بيمينه على شماله أنه يصب الإناء باليمين حتى يفرغها على الشمال "فيغسل فرجه" تنظيفا له من أثر الجنابة إن لم يكن قد بال، فإن كان قد بال فهو تطهير له من أثر البول.

قولها: "ثم توضأ" يعني: يتوضأ وضوءه للصلاة، وهذا يقتضي انه يتوضأ وضوءا كاملا بتطهير الأعضاء الأربعة: الوجه، واليدين، والرأس، والرجلين.

قولها: "ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر" يأخذ الماء؛ يعني: بيديه ويدخل أصابعه في أصول الشعر؛ لأن شعر النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا؛ إذ إنه لا يحلقه - عليه الصلاة والسلام- إلا في حج أو عمرة، "ثم حفن على رأسه ثلاث حفنات" يعني: بعد أن أوصل الماء إلى أصول الشعر حفن على رأسه؛ يعني: بيديه ثلاث حفنات تكميلا لتطهير الرأس، وإنما شدد في تطهير الرأس من الجنابة؛ لأن الوضوء مبني على التخفيف؛ إذ إنه في أعضاء أربعة فقط بخلاف الغسل من الجنابة، ولما كان الغسل من الجنابة أوكد في التطهير صار الاعتناء بالرأس الذي فيه الشعر أولى؛ ولهذا كرر النبي صلى الله عليه وسلم غسله ثلاث مرات، بعد ان أدخل الماء في أصول الشعر.

قولها: "ثم أفاض على سائر جسده" "أفاض" يعني: أفاض الماء على سائر الجسد، "سائر" يعني: باقي، وتكون بمعنى: "كل"؛ فإذا قلت: "أكرمت سائر الطلبة" المعنى: كلهم، وإذا قلت: "أكرمت الطلبة وسائرهم"، يعني: من جاء من بعدهم، فهذا المراد البقية، فالمراد بها هنا "سائر جسده" أي: بقية جسده، أما على كونها يراد بها الكل فهي مأخوذة من السور، سور الدار؛

<<  <  ج: ص:  >  >>