للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفتح الأعظم فتح مكة إذ إن سبب فتح مكة هو نقض المشركين لهذا العهد فصار كالمقدمة بين يدي فتح مكة، يأمن فيها الناس، من المراد بالناس؟ المسلمون والكافرون يأمنون يذهب الرجل إلى مكة ويرجع ويأتي الآتي من مكة ويرجع من دون أن يخاف على نفسه والثاني يكف بعضهم عن بعض.

١٢٦٢ - وأخرج مسلم بعضه من حديث أنس رضي الله عنه، وفيه: "أنَّ من جاء منكم لم نردَّه عليكم، ومن جاءكم مَّا رددتموه علينا. فقالوا: أتكتب هذا يا رسول الله؟ قال: نعم، إنَّه من ذهب منَّا إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا".

من القائل؟ سهيل "من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا" هذا شرط ثقيل جدًا، لأن ظاهره عدم العدل إذ أن العدل يقتضي أن من جاءنا منهم لا نرده كما أن من جاءهم منا لا يردونه أو من جاءهم منا ردوه ومن جاءنا منهم نرده أما أن تكون المسألة بالعكس فالغضاضة فيها على المسلمين ظاهرة لكن نظرًا إلى أن المقصود بذلك تعظيم حرمات الله صارت فتحًا مبينًا وخيرًا كثيرًا، وتعلمون ما في القصة من مراجعة أمير المؤمنين عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى قال: يا رسول الله، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى" وحصل مراجعة بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وبينه وبين أبي بكر، وكان جواب أبي بكر كجواب الرسول صلى الله عليه وسلم سواًء بسواء.

يقول: "فقالوا: أتكتب هذا يا رسول الله؟ قال: نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله" الَّذي يذهب من المسلمين إلى الكفار مهاجراً إليهم لا لغرض تجارة أو نحوها فأبعده الله "وأما من جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا" يعني: لو رددناه سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا وكان الأمر كذلك فإن من جاءنا منهم رددناه إليهم جعل الله له فرجًا ومخرجًا كما سيذكر إن شاء الله.

ففي هذا الحديث فوائد: أولًا: بيان غطرسة الكفار وأنهم يريدون الحيلولة بين المسلمين وبين دينهم، يؤخذ ذلك: من منع المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقدم إلى مكة مع أن قريشًا قد فتحت الأبواب بل قد كسرت الأبواب لكل من جاء إلى مكة ليعتمر؛ لأنهم يستفيدون من ذلك استفادة دعائية واقتصادية وغير ذلك لكن الرسول لا، فمنعوه مع أنه هو ولي البيت: } وما كانوا أولياؤه إن أولياؤه إلا المتقون {[الأنفال: ٣٤].

وفيه أيضاً: بيان أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ويتفرع على هذا أن نصبر وإن كان في الأمر غضاضة علينا ما دمنا ننتظر أو نريد رضا الله غز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>