للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنث واجبا مثاله-ما قلنا قبل قليل- إذا قال: والله لا أصلي مع الجماعة اليوم فهنا يتوقف على الحنث فعل واجب، يعني: أنه يجب عليه إذا حنث من هذا اليمين أن يصلي لأن هذه الصلاة فعل واجب، فيكون الحنث واجبا، ويكون الحنث سنة إذا توقف عليه فعل سنة، ويكون مكروها إذا توقف عليه فعل مكروه مثلا نقول: والله لا آكلن الآن بصلا، البصل: أصله مكروه عند قرب الجماعة، ماذا نقول؟ الحنث هنا مستحب، يعني: ألا يأكل، لكن لو قال: والله لآكلن الآن بصلا، قلنا: الحنث مكروه، المباح كما ذكرنا في مسألة الثوب، ولكن العلماء يقولون في قسم المباح حفظ اليمين أولى من الحنث؛ لقوله-تبارك وتعالى-: {واحفظوا أيمنكم} [المائدة: ٨٩]. بقي لنا: هل يكفر أولا ثم يحنث أو يحنث ثم يكفر؟ اختلف العلماء في ذلك بناء على اختلاف الروايات، فقال بعض أهل العلم: كفر ثم احنث. عيد على عمر

وقال بعضهم: احنث ثم كفر بناء على اختلاف الروايات، والصواب أن هنا لا بأس بهذا أو بهذا، ولكن إذا كان التكفير قبل الحنث فإنه يسمى تحلة، وإن كان بعده فإنه يسمى كفارة، دليل ذلك قول الله-تبارك وتعالى-: {يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تنبغى مرضات أزوجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمنكم}] التحريم: ١ - ٢]. وهو التكفير قبل الحنث وقال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمن فكفرته إطعام عشرة مسكين} [المائدة: ٨٩]. هذا بعد الحنث، والصواب أن الإنسان إذا حلف على شيء وأراد أن يحنث نقول له: أنت بالخيار إن شئت فافعل ثم كفر وإن شئت كفر ثم افعل هذا هو القول الراجح بمعنى: أنه لا يتعين لا هذا ولا هذا.

من فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يحنث في اليمين إذا كان خيرا؛ لقوله: «فرأيت غيرها خيرا منها فكفر ... إلخ».

ومن فوائد الحديث: الانتقال عن المفضول إلى الأفضل ولو عينه الفاعل، يعني: ينتقل عن المفضول إلى الأفضل ولو كان المفضول قد عين، دليله قوله: «كفر عن يمينك وائت الذي هو خير» ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي نذر أن فتح الله على رسوله مكة أن يصلي في بيت المقدس قال: «صل هاهنا» فأعاد عليه قال: «شأنك»، فهذا يدل على أن الانتقال عن المفضول إلى الفاضل جائز ولو كان المفضول قد عين، وبناء على ذلك لو

<<  <  ج: ص:  >  >>