للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [الولولة: ٧، ٨]. ومن يعمل دون ذلك فكذلك، لكن ذكر مثقال الذرة على سبيل المبالغة، ومنه أيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله يوم القيامة". فمن اقتطع دون ذلك فالحكم في حقه كذلك؛ لأن هذا ذكر على سبيل المبالغة، ومنه على أحد القولين قوله تعالى: {إن نستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: ٨٠]. يعني: وإن استغفرت أكثر فالحكم كذلك؛ لأن هذا ذكر على سبيل المبالغة قلة أو كثرة ليس له مفهوم".

ومن فوائد هذا الحديث: بطلان طهارة التيمم في وجود الماء لقوله: "فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته وعلى هذا فإذا تيمم للجنابة ثم وجد الماء وجب عليه ان يغتسل لقوله: "فليتق الله وليمسه بشرته"، وإذا تيمم للوضوء ثم وجد الماء فعليعه أن يتوضأ به، لا يقول: إنه ارتفع حدثي بالتيمم ولا يعود الحدث إلا بموجب جديد؛ لأننا نقول: إنه ارتفاع مقيد بوجود الماء، أو بزوال العذر إذا تيمم لضرره باستعمال الماء، وقد حكى شيخ الإسلام رحمه الله الاتفاق على أنه إذا وجد الماء وجب عليه استعماله، حتى ولو قلنا بأن التيمم رافع لنه رافع ما دام السبب موجودا، فإذا لم يوجد فعليه أن يستعمل الماء.

ومن فوائد هذا الحديث: أنه لو تيمم مع وجود الماء فطهارته غير شرعية؛ لقوله: "وليمسه بشرته"، فإنه لو تيمم مع وجود الماء خالف الأمر باستعماله وبتقوى الله ومخالفة الواجب وقوع في المحرم، ومعلوم أن الشيء المحرم لا يستفيد به الإنسان شيئا، فهو لا يرفع الحدث، ولا يحل الحرام ولا يملك به المبيع، ولا غير ذلك، إذن لو تيمم مع وجود الماء وصلى فلا عبرة به، وصلاته باطلة، وعليه أن يتوضأ أو يغتسل ويصلي.

فإن قال قائل: ما هو الضابط في الوجود وعدم الوجود؟

نقول: متى كان في حمل الماء مشقة فهو واجد او غير واجد؟ غير واجد، وإذا لم يكن مشقة فإنه يحمله كما لو كان عنده سيارة فيها [خزان] كبير فيه ماء، نقول: يجب عليك أن تحمل الماء أما إذا لم يكن كذلك فإننا لا نوجب عليه مثل أن يسافر في سيارة صغيرة فإننا لا نوجب عليه أن يحمل الماء؛ لما في ذلك في المشقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>