للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فوائد الحديث: حُسن إرشاد النبي (صلى الله عليه وسلم) بهذا الكلام الذي يعتبر قاعدة في النظر إلى نعم الله، أن تنظر إلى من دونك، نحن لو نظرنا إلى الأغنياء سيارات فخمة وقصور فخمة أزواج وبنين وأموال، نحن ما عندنا شيء سيارات موديل واحد وتسعين والبيت شعبي، وأشياء كثيرة لا نحب أن نقولها، هل نحن الآن لو نظرنا إلى من هو دوننا من ليس عنده بيت ولا زوجة ولا سيارة ولا طعام يكفيه هل ننظر للأول أو الثاني؟ للثاني حتى نعرف أن الله أنعم علينا بشيء، فالمهمة أن هذه قاعدة ذكرها نبينا (صلى الله عليه وسلم) وهذه حقيقة ينبغي للإنسان أن يبني حاله عليها.

ومن فوائد الحديث: حُسن تعليم الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه إذا ذكر الأمر أو الحكم ذكر التعليل، والذكر التعليل فائدتان: الفائدة الأولى: زيادة الطمأنينة، الإنسان إذا علم الحكم وعلم حكمته يزداد طمأنينة، وإن كان المؤمن سوف يسلم لأمر الله ورسوله علم الحكمة أم لم يعلم، لكن كلما علم الحكمة ازداد طمأنينة، ولهذا لما غرس الرسول (صلى الله عليه وسلم) جريدة رطبة على القبرين، الصحابة أشكل عليهم الأمر لماذا كانت رطبة يريدون أن يتبينوا الحكمة، والفائدة الثانية لذكر العلة: بيان سمو الشريعة، وأنها لا يمكن أن تحكم بالأحكام إلا بحكم اقتضت ذلك.

[البر والإثم وضوابطهما]

١٣٨١ - وعن النواس بن سمعان (رضي الله عنه) قال: «سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن البر والإثم؟ فقال: البر: حُسن الخُلق، والإثم: ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطَّلع عليه الناس». أخرجه مسلم.

«البر»: هو الخير والإثم ضده كل يسأل عن هذا من أجل العلم فقط أو من أجل العمل.

أما الصحابة فلاشك أنهم يسألون من أجل الثاني، أما بعض الناس فربما يسأل لمجرد العلم فقط، لكن الحازم هو الذي يسأل عن الخير ليقوم به، وعن الشر ليجتنبه، قال حذيفة: كان الناس يسألون النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه، سأله عن البر والإثم فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «البر حسن الخلق». الجملة هذه يقولون: إن التركيب يقتضي الحصر: البر حُسن الخلق وهذا قد يُشكل في ظاهره على بعض الناس حيث يقول: إن البر حُسن الخلق هناك أشياء كثيرة من البر وليست حُسن خلق، كالصلاة والصدقة والصيام والحج وغير ذلك.

فيقال: إنك لم تفهم مراد الرسول (صلى الله عليه وسلم) به حسن الخلق مع الله ومع عباد الله؛ لأن الرسول لم يقيد لم يقل: حسن الخلق مع الناس ولكن أطلق حسن الخلق مع الله أن تتقبل أوامره بالسرور والانشراح سواء كانت من المنهيات أو من المأمورات لا يضيق صدرك به، هذ لاشك

<<  <  ج: ص:  >  >>