للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أن من الأساليب العربية التي توجب الانتباه أن يختلف التعبير في أشياء حكمها واحد؛ لقوله: "حرم وكره"؛ لأن ما كرهه الله فهو حرام، لكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان التعبير من عند الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الأصل وإنما قلت ذلك لأنه من الجائز أن يكون من تصرف الرواة لكن الأصل أنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم لكن الرسول عبر بهذا، وهذا من أجل أن ينتبه الإنسان، ومعلوم لنا جميعًا أن الكلام إذا كان على وتيرة واحدة فإن الإنسان المستمع لا ينسجم معه انسجامًا كثيرًا، بل المستمع يكون بارد الذهن، ولهذا بعض القراء الآن يستعملون التنبيه باختلاف الصوت، لا باختلاف التعبير، فتجده مثلاً قراءته واحدة على طريق واحد، ثم يرفع صوته أو يخفض صوتهن فيوجب لذلك الانتباه.

ومن فوائد الحديث: أن الله يكره قيل وقال؛ ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت». من كمال إيمانك ألا تقول إلا خيرًا والعجب أن من كان هذا منهجه فإنه يسلم من شرور كثيرة، ومن كثر كلامه كثر سقطه لكن من قل كلامه وكان لا يتكلم غلا بخير فهذا هو المؤمن وهذا هو السالم، لكن إذا قال قائل: إذا كنا لا نتكلم إلا بالخير لزم أن نكون دائما في سكوت ندخل محلاً مثلا السلام عليكم كيف أصبحت ثم نسكت نقول الخير نوعان: خير مقصود لذاته وخير مقصود لغيره، والأول لاشك أنه أشرف لأنه غاية والثاني دونه لكنه خير، فإذا تكلم الإنسان بكلام هو في حد ذاته لغو لكن يريد أن يدخل الأنس والسرور على الحاضرين فهذا يعتبر خيرًا؛ لأن إدخال الأنس والسرور على مجالسك من الخير لاشك، لكن إذا حصل الأول وهو الخير لذاته فهو أفضل لاشك، ومن الخير لذاته تعليم العلم، أنا أظن أن الإنسان لو قام يحدث في مجلس غير معد للحديث ربما يكون ذلك ثقيلاً على النفس، لكن من الممكن أن يذكر مسائل فقهية طريفة توجب أن ينتبه الناس وتشتد أفكارهم إليه، مثل: أن يطرح مسألة غريبة، أو يتكلم في قصة مما ورد في الأحاديث من القصص، كأن يقول الرسول قص علينا كذا وكذا قص علينا قصة ثلاثة أبرص وأعمى وأقرع، أو ثلاثة انطبقت عليهم صخرة في غار، المهم أن الإنسان اللبيب يستطيع أن يدخل العلم على الناس بلا ملل بما أعطاه الله من حكمة.

ومن فوائد الحديث: كراهة الله لكثرة السؤال، لكن هل المراد كثرة السؤال من واحد أو من متعدد؟

من واحد، فلو فرضنا أن إنسانًا عنده مائة طالب كل واحد حضر سؤالاً فتكون الأسئلة مائة، هل: نقول هذه كثيرة تكره؟

لا؛ لكن يأتي واحد يتصدر للأسئلة وكل ما أجاب المسئول عن السؤال، وإذا بالثاني على

<<  <  ج: ص:  >  >>