للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الزوجة، تضيق عليه هل يلزمه أن يطلق زوجته؟ لا، ما دامت الأم لم تذكر سببًا شرعيًا يوجب أن يفارقها فلا يلزمه أن يطلقها، وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل أمره أبوه أن يطلق زوجته، قال له: لا تطلقها قال: كيف يا أبا عبد الله أليس النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق امرأته لأن عمر أمره بذلك؟ قال: بلى ولكن هل أبوك عمر؟ الجواب: لا، عمر لا يمكن أن يأمر ابنه أن يفارق زوجته إلا لسبب شرعي لا يمكن تحمله؛ لأن من أكبر المحرمات أن يفرق الإنسان بين رجل وزوجته، ولاسيما إذا كان بينهما أولاد، لكن أبو هذا الرجل ربما يكون لهوى في نفسه، لا لمصلحة الزوج ولا لمصلحة الزوجة.

[حقوق الجار]

١٣٩٩ - وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه». متفق عليه.

هذا القسم بهذه الصيغة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم به كثيرًا، ومضمونه: أنني أقسم قسمًا إن كنت غير مصيب فيه فإني أهلك وأموت، يعني: قوله: "والذي نفسي بيد الله" كأنه يقول: إن كنت كاذبًا فليأخذ الله نفسي؛ لأن النفس بيد الله عز وجل فيكون هذا من أعظم القسم، والذي نفسي بيده وهو الله عز وجل: "لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره"، أو قال: "لأخيه ما يحب لنفسه"، "جاره" يعني: القريب منه في البيت والسكن سواء كان البيت والسكن من الحجر أو المدر أو الشعر، المهم أنه مسكنه قريب من جاره، ثم هل الجار كما جاء في بعض الأحاديث أنه أربعون دارًا أو أقل؟ الصحيح أن الجار ما عد جارًا في العرف وأربعون دارًا اليوم بعيدة جدًا، تسع مساحة كبيرة، لكبر المنازل، ربما كانت في العهد الأول، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حجرته التي هو ساكن فيها مع زوجته عائشة تسع ثلاثة قبور في ذلك العهد، وعليه نقول: يمكن أن يكون أربعون دارًا، يمكن أن يكونوا جيرانًا، لكن في الوقت الحاضر لا، إذن فيرجع فيه إلى العرف كما أن الطريق فيما سبق إذا تنازع فيه الجيران يجعل سبعة أذرع الآن سبعة أذرع تأخذ السيارة لكن مع الضيق على كل حال هذه مسائل يذكرها الشرع مقدرة بحسب العرف والحال التي كانوا عليها وليست محددة شرعًا، كمائة جلدة للزاني فإنها محددة لا تزيد ولا تنقص، لكن مثل هذه الأمور المقدرة التي يكون مرجعها العرف تبقى للعرف، إذن الجار كل من عده الناس جارًا، "حتى يحب لجاره"، وفي لفظ: "لأخيه المؤمن"، لا تؤمن حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك، أنت تحب لنفسك الخير وتكره لها الشر، فلو أحببت الشر لأخيك فلست بمؤمن، ولو أحببت منع

<<  <  ج: ص:  >  >>