للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-قاعدة المشتبه هي ما اختلف العلماء فيه هذا تفسير الإمام أحمد، فما كان بينا في حله أو تحريمه وما اختلف فيه العلماء فهو من المشتبه، لكنكم تعلمون أن الخلاف يكون ضعيفاً فيكون الاشتباه ضعيفاً، وقد يكون قوياً فيكون الاشتباه قوياً.

*قال ابن رجب:

وحاصل الأمر: أن الله تعالى أنزل على نبيه الكتاب، وبين فيه للأمة ما يحتاج إليه من حلال وحرام، كما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩].

*تعليق الشيخ:

-هذا هو الصحيح: أي: أن القرآن ما ترك شيئاً إلا بينه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ}. {تِبْيَاناً} إما أن تكون مفعولاً لأجله وعاملها {وَنَزَّلْنَا}، وإما أن تكون مصدراً في موضع الحال من {الْكِتَابَ} أي: ميناً، وأيا كان فهذا هو الاستدلال على أن القرآن فيه بيان كل شيء، أما ما يستدل به كثير من الناس وهو قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨]. فهذا خطأ وتنزيل للآية على غير مراد الله، قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: ٣٨]. فالمراد بالكتاب هنا: اللوح المحفوظ وليس الكتاب العزيز.

*قال ابن رجب: قال مجاهد وغيره: لكل شيء أمروا به أو نهوا عنه.

*قال الشيخ:

-وعلى هذا يكون من باب العام الذي أريد به الخاص على رأي مجاهد وغيره، والصواب من العام الذي مر على عمومه، لكن بيان القرآن إما أن يكون الشيء عينه، وإما أن يكون بجنسه، وإما أن يكون بقاعدة عامة يدخل فيها ما لا يحصى من المسائل، وإما أن يكون بالإشارة والدلائل، حتى ذكر أن بعض النصارى كان جالساً مع أحد العلماء المشهورين المذكورين العقلاء، فأتى إليه قال: أيها الشيخ، إن كتابكم تبيان لكل شيء، وبين أيدينا الآن خبز ولحم وما شاء الله، أين في القرآن كلمة سندوتش واللحم وغير ذلك، أين هو؟ كأن هذا النصراني يريد أن يكون القرآن دليل مطبخ! فقال له الرجل: هذا موجود في القرآن، قال: كيف موجود أين هو؟ فنادى صاحب المطعم فقال: تعال كيف تصنع هذا؟ قال: بكذا وكذا وبين، قال: هكذا جاء في القرآن، فاندهش الرجل كيف جاء أين هو؟ قال: إن الله يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]. فأرشدنا أن نسأل عن كل شيء يعلمه غيرنا إذا كنا لا نعلمه، فذلك كيف تصل إلى العلم، فالذي نرى أن الآية عامة: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} وليست خاصة فيما أمرنا به أو نهينا عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>