للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك الغير عليه، فالأول لا تزول إباحته إلا بيقين زوال الملك عنه، اللهم إلا في الأبضاع عند من يوقع الطلاق بالشك فيه كمالك، أو إذا غلب على الظن وقوعه كإسحاق بن راهويه. والثاني: لا يزول تحريمه إلا بيقين العلم بانتقال الملك فيه.

*تعليق الشيخ:

-والصحيح في هذه المسألة: أن نلزم الأصل، فإذا شككنا في وقوع الطلاق فمن العلماء من قال: نوقعه؛ لأنه أحوط وأورع، ومنهم من قال: لا، لا نوقعه؛ لأن الأورع أن ينفى النكاح؛ إذ إننا لو أوقعناه في ورطتين: الأولى: تحريمها على الزوج، والثانية: إباحتها لغيره، فإذا قلنا: الأصل بقاء النكاح بنينا على أصل ولم نتورط إن قدر أن هناك تورطا إلا في الإحلال لزوجها التي لا تحل له على التقدير، فالصواب في هذا: أنه لا يزول الشك ولو بغلبة الظن، فمثلا: لو قال لزوجته: إن كان هذا الطائر حماما فأنت طالق، وذهب الطير ولم ندر ما هو هل تطلق؟ الصحيح: أنها لا تطلق، هناك احتمال أن يكون حماماً ولكن الأصل بقاء النكاح حتى لو غلب على ظنه أن هذا الطائر حمام فإنه لا يقع على القول الراجح.

*قال ابن رجب:

وأما ما لا يعلم له أصل ملك كما يجده الإنسان في بيته ولا يدري: هل هو له أو لغيره فهذا مشتبه، ولا يحرم عليه تناوله؛ لأن الظاهر أن ما في بيته ملكه لثبوت يده عليه، والورع اجتنابه، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها» خرجاه في الصحيحين. فإن كان هناك من جنس المحظور، وشك هل هو منه أم لا؟ قويت الشبهة. وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أصابه أرق من الليل، فقال له بعض نسائه: يا رسول الله! أرقت الليلة. فقال: «إني كنت أصبت تمرة تحت جنبي، فأكلتها وكان عندنا تمر من تمر الصدقة، فخشيت أن تكون منه».

*قال الشيخ:

-هذا من تمام الورع ولاشك فيه، الإنسان يبتعد عن المشتبهات خصوصاً في الأكل والشرب.

*قال ابن رجب:

ومن هذا أيضاً ما أصله الإباحة كطهارة الماء والثوب والأرض، إذا لم يتيقن زوال أصله فيجوز استعماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>