للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديث فيه التحذير من هذين الخلقين وهما مضارة المسلم سواء في ماله أو بدنه أو عرضه أو أهله أو غير ذلك، المهم أن يلحقه الضرر وفيه أيضاً التحذير من المشقة على المسلمين وأن من شاق. شق الله عليه.

ففي هذا الحديث فوائد: أولاً: احترام أعراض المسلمين، وجه أن منتهك أعراض المسلمين مضار بهم.

ومن فوائده: أن الجزاء من جنس العمل، وأن من ضار بإخوانه المسلمين ضار الله به ولكن هل المراد ضار الله به في نفس القضية أم مطلقاً؟ الثاني هو المراد، لأن هذا المضار قد لا يتضرر بهذه القضية لكن يلحقه ضرر فيما بعد، مثال ذلك البيع على بيع أخيه المسلم مع تضرره بذلك، هذه مضارة هل يلزم من هذا الحديث أن يتضرر المسلم في نفس السلعة بمعنى أن تتلف عليه أو تنقص قيمتها أو ما أشبه ذلك؟ الجواب: لا يلزم، المهم أنه عرضة لأن يلحق الله به الضرر.

ومن فوائد الحديث: حماية الله -سبحانه وتعالى- لعباده المسلمين وأنه هو نفسه يدافع عنهم؛ لقوله: "ضار الله به" ولو لم يكن من هذا -أي من الإسلام والإيمان- إلا هذه الخصلة لكانت كافية مثل قول الله تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} يعني لو لم يكن من فوائد الإيمان إلا أن الله يدافع عن المؤمن يدافع عن المؤمن يدافع عن عرضه عن ماله عن أهله عن كل ما يضره [لكان فيه كفاية].

ومن فوائد الحديث: أن الأحكام قد تقيد بالأغلب لقوله: "من ضار مسلماً" فإنه لا يعني: أنه يجوز أن يضار غير المسلمين؛ لأن غير المسلم إن كان حربياً فلا حرمة له أصلاً وإن كان معاهداً أو مستأمناً أو ذمياً فله حرمة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وحرم أذية المعاهدين". إذن يؤخذ من هذا الحديث أنه قد تقيد الأحكام بالأغلب ولا ينافي ذلك الإطلاق.

ومن فوائد الحديث: إثبات علم الله وقدرته عز وجل وحكمته ورحمته وعدله، لأن مضارة الله للإنسان المضار تستلزم أن الله عليم، إذ لو لم يعلم لم يتبين له حال هذا الرجل وأنه حكيم وأنه رحيم، المهم أن هذا الفعل وهو مضارة الله يدل على عدة صفات لله.

ومن فوائد الحديث: تحريم مشاقة المسلم أي: فعل ما يشق عليه، وجهة الوعيد على من شاق مسلماً، يتفرع عن ذلك أنه يجب على المؤمن سلوك الأهون في معاملة المسلمين، لأنه إذا حرم الضد وجب ضده، وهذا تحقيقه أول من يخاطب به من ولاهم الله أمور المسلمين سواء كانت الولاية عامة أم خاصة فمثلاً الأب هل يجوز أن يكلف أبناءه أو بناته ما يشق عليهم؟ لا يجوز لأنه عرضة لأن يشق الله عليه، مدير المدرسة هل يجوز له أن يلزم من تحت

<<  <  ج: ص:  >  >>