للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالقاً مع الله لو قلنا: إنك لو ضربت الزجاجة بالحجر انكسر من الحجر لكان في ذلك إثبات خالق مع الله, وهذا لا صحة له؛ لأني أقول: انكسرت الزجاجة بالحجر بإذن الله وإرادة الله, لو وضعت شيئاً في النار يحترق بالنار, لكن ما الذي جعل النار تحرقه؟ هو الله عز وجل, ولهذا لما وضع إبراهيم فيها قال الله تعالى: {كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} [الأنبياء: ٦٩]. فكانت برداً وسلاماً, ولم تؤثر فيه شيئاً إذن القول بعدم إثبات الأسباب لكونها تؤدي إلى إثبات خالق مع الله قول مخالف للشرع والفطرة والحس, أما الذين يقولون: إن الأسباب مؤثرة بنفسها ولابد فهؤلاء أيضًا أخطئوا, هؤلاء هم الذين أثبتوا مع الله خالقاً ونقول: إن هذا الدعوى يبطلها الواقع؛ فإن النار تحرق بلا شي ومع ذلك نجا منها إبراهيم بإرادة الله -سبحانه وتعالى-, فالصواب: أن الأسباب ثابتة وأنها مؤثرة, لكن بما أودع الله فيها من القوة المؤثرة.

ومن فوائد الحديث: الحث على إفشاء السلام, وجه ذلك: أن إفشاء السلام من أسباب دخول الجنة.

ومن فوائد الحديث: الحث على صلة الأرحام, لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعلها من أسباب دخول الجنة

إفشاء السلام واجب أو سنة؟ سنة ما لم يكن هجراً, فإن كان هجراً فإنه لا يزيد على ثلاثة أيام, صلة الأرحام واجبة -فرض عين- على الإنسان لأن الله تعالى توعد من لم يصل الرحم فقال تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (٢٢) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [محمد ٢٢ - ٢٣]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قاطع»؛ يعني: قاطع رحم, فصلة الأرحام إذن واجبة, وتعتبر فرض عين.

ومن فوائد الحديث: الحث على إطعام الطعام؛ لأن الرسول جعله من أسباب دخول الجنة ثم هل هو واجب أو لا؟ نقول: يكون أحياناً واجباً سنة, فيكون واجباً في إطعام الجائع إذا وجدت جائعاً إن لم تطعمه هلك وجب عليك إطعامه, ثم اختلف العلماء في هذه الحال إذا لم تطعمه فهلك هل تضمنه أم لا؟ فقال بعض العلماء: إنك تضمنه؛ لأنك تركت

<<  <  ج: ص:  >  >>