للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنرجع إلى الحديث الذي معنا هل هو من خاصة الخاصة أو خاصة غير الخاصة؟ الخاصة غير الخاصة؛ لأنه يقول: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه"، فهو خاص لكنه ليس من خاص الخاص؛ لأنه مقيد بوصف.

ومن فوائد الحديث: أن معية الله للذاكر تكون إذا اتفق القلب واللسان لقوله: "وتحركت بي شفتاه"، وليت المؤلف رحمه الله أتى بالحديث الذي هو أصح من هذا، وهو أن الله قال: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"؛ لأن هذا فيه تفصيل، وفيه أيضاً البشارة بأن الله عند ظن عبده به، ولكن لاحظ أن الظن لابد أن يكون له سبب، إذا لم يكن سبب فالظن وهم وخيال؛ يعني مثلاً: ظن أن الله يغفر له بدون أسباب المغفرة، هذا الظن وهم وخيال لا محل له، لكن إذا عمل صالحاً فليظن بالله خيراً، إذا دعا الله فليظن بالله خيراً؛ لأن الله قال: {ادعوني أستجب لكم} [غافر: ٦٠]. فأحسن الظن بالله لابد له من سبب يقتضيه، أما بدون سبب إنسان يعمل عملاً سيئاً ويقول: أنا أحسن الظن بالله أن الله يغفر لي؟ لا، لابد من فعل السبب، لو أن إنساناً أحسن الظن بالله أن الله سيرزقه ولدا قلنا له: تزوج، قال: لا إن ظني بالله خير، من أين يأتي الولد؟ فهذا وهم، كذلك الأمور المعنوية التي جعلها الله تعالى أسباباً لابد من وجودها؛ ولذلك بعض الناس قد يعتمد ويغلب عليه الرجاء فيقول: إن الله يقول: "أنا عند ظن عبدي بي"، نقول: افعل ما يكون سبباً لحسن الظن، فإذا فعلت السبب فلا تظن أن الله يخيبك؛ ولهذا قال بعض السلف: ما ألهم عبد الدعاء إلا وفق للإجابة؛ لأن الله يقول: {وقال ربكم أدعوني أستجب لكم} [غافر: ٦٠].

١٤٧٦ - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عمل ابن آدم عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله». أخرجه ابن أبي شيبة، والطبراني بإسنادٍ حسنٍ.

١٤٧٧ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله فيه؛ إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده». أخرجه مسلم.

١٤٧٨ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما قعد قوم مقعداً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على النبي؛ إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة». أخرجه الترمذي، وقال: "حسنٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>