للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصيب بالروع، ومحمد صلى الله عليه وسلم أصيب بالروع أول ما جاءه الوحي وضمه جبريل، ولكن هذا الخوف والروع ليس خوف العبادة ولا الخوف الذي يستلزم ترك ما أمر الله به ورسوله، "وآمن روعتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي" كم جهة هذه؟ خمسة، السادسة قال: "وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي"، وهذا يدل على أن العذاب الذي يأتي من تحت أشد وأعظم؛ ولهذا اعتصم النبي صلى الله عليه وسلم بعظمة الله أن يغتال من تحته من الشياطين من الجن من الخسف، ومعنى "أغتال" يعني: أهلك، والاغتيال هو القتل بغير استعداد له بأن يقتله على غفلة، ووجه ذلك: أن الإنسان إذا جاءه الشر من بين يديه أو من خلفه أو عن يمينه أو عن شماله أمكنه الفرار من فوقه أيضا ربما يمكنه إذا شاهد أسباب العذاب أن يختبئ، لكن إذا جاءه من تحت وخسف به غافل لا يحس بشيء صار هذا أشد، على كل حال كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بهذه الكلمات.

فيستفاد من الحديث: أولاً: المحافظة على هذه الكلمات اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن فوائده: أن هذه الكلمات مقيدة بالصباح والمساء كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقولها في الصباح والمساء، ولكن لو قالها في غير ذلك مثل وسط الليل وسط النهار، هل نقول إنك مبتدع لأنك أتيت بالعبادة في غير وقتها؟ الجواب إن أراد التعبد بذلك قال: إني أتعبد بها في وسط الليل والنهار قياسا على وقت المساء والصباح، قلنا: هذا مبتدع، أما إذا قالها بقلبه وفكره دون قصد اختيار هذا الوقت فلا بأس.

ومن فوائد الحديث: أن كل إنسان عرضة للآفات في الدين والدنيا والأهل والمال، وجهه: طلب العافية من ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أشرف بني آدم، ولذلك إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن أن يصاب بذلك فمن دونه من باب أولى.

ومن فوائد الحديث: أن البلاء يكون في نفس الإنسان، وفي دينه، وفي أهله، وفي ماله، وهو كذلك، بلاء الدين ذكرنا أنه ينقسم إلى قسمين: شبهات، وشهوات.

ومن فوائد الحديث: أن الإنسان كما أنه مأمور بسؤال العافية في الدين فهو مأمور بسؤال العافية في الدنيا أيضا؛ لأن الإنسان كما أنه مأمور بسؤال العافية في الدين فهو مأمور بسؤال العافية في الدنيا أيضا؛ لأن الإنسان قد يبتلى بمرض حسي في بدنه، وقد يبتلى بتسلط الناس عليه وأكل لحمه وسبه حاضرا وإيذائه، كل هذا داخل في قوله: "ودنياه".

ومن فوائد الحديث: أنه لا حرج على الإنسان أن يسأل الله تعالى العافية في المال، ولا يقال: إن الورع ألا يتعلق قلبك بمالك هذا خطأ؛ لأن سيد الورعين محمد صلى الله عليه وسلم ومع ذبك سأل الله أن يعافيه في ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>