للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا تجدن حديث التقدم من الجمعة: «من جاء في الساعة الأولى ... من جاء في الساعة الثانية إلى آخره ... ».

مع أن هذه الساعات تختلف طولًا وقصرًا بحسب الوقت والفصول, فالساعة في اللغة: كل وقت محدد طال الزمن أو قصر, إلا إذا قال: «ساعة من نهار» فهي لا تتجاوز النهار, «نهانا أن نصلي فيهن» أي: صلاة فريضة أو نافلة, وذلك لأن (أن) مصدرية, وهي بعد النهي, فإذا أول الفعل بالمصدر, صار كأنه بعد النهي فتفيد العموم, لكن هذا العموم سبق أنه خصص بمخصصات بيناها.

«وأن نقبر فيهن موتانا». «نقبر» القبر بمعنى: الدفن, يعني: أن ندفن الموتى في هذه الساعات, ثم فسرها فقال: «حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع» , «بازغة» حال مؤكدة؛ لأن البزوغ والطلوع بمعنى واحد, فتكون «بازغة» حال مؤكدة, لعاملها أو لصاحبها؟ لعاملها, «حتى ترتفع» , ولم يبين الرفع, لكنه قد بين في أحاديث أخرى: «حتى ترتفع قيد رمح» , أي: قدر رمح, والمراد بالرمح: ما يرمى به في القتال, وهو نحو متر, وتقريب ذلك في الساعة المصطلح عليها الآن ما بين عشر دقائق إلى ربع ساعة.

«وحين يقوم قائم الظهيرة»؛ أي: حين يقف واقف الظهيرة, وذلك أن الشمس إذا توسطت السماء صارت كأنها قائمة لا تتحرك, «وحتى تزول» , وهذا يقدر بعشر دقائق فأقل.

والثالث: «حين تتضيف الشمس للغروب» , «حين تتضيف» أي: تميل للغروب, وقيل: حين تشرع في الغروب, والصحيح الأول؛ أنها حين تتضيف للغروب, فإذا كانت عين المغرب بمثلها في المشرق يعني: مقدار رمح حين يدخل هذا الوقت الذي ذكره عقبة بن عامر, عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني: حين يبقى على مغيبها مقدار رمح, هذه ثلاثة ساعات, وتسمى هذه الساعات عند الفقهاء: أوقات النهي القصيرة, أضف هذه الساعات الثلاث إلى صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس تكون الأوقات أربعة, ومن صلاة العصر حتى تغرب تكون خمسة, ويجتمع فيما قرب من الغروب النهي الخاص والعام؛ لأنها حين تتضيف يدخل فيها النهي عن الصلاة العصر حتى تغرب الشمس, فهذه أوقات النهي.

هذه الأوقات ينهى فيها عن كل صلاة ليس لها سبب من النوافل والفرائض لا نهي عنها, وسبق الكلام على هذا, لكن بقي الكلام «أن نقبر فيهن موتانا» الحكمة من ذلك لم تظهر لي

جيدًا, لماذا نهى عن دفن الميت في ذلك الوقت؟ لكن الذي يهمنا هو الحكم؛ لأننا نحن معبدون بالأحكام, ولسنا مكلفين بمعرفة الحكم والأسرار؛ لأن هذا قد تعجز عنه عقولنا, لكن نقول: إذا وصلنا بجنازة إلى قبر وقد بزغت الشمس لكن لم ترتفع قيد رمح, فإننا لا ندفن الميت, ننتظر إلى متى؟ حتى ترتفع قيد رمح ثم ندفنه, كذلك أيضًا إذا وصلنا بالميت إلى القبر وقد قام قائم الظهيرة فإننا ننتظر حتى تزول الشمس. كذلك إذا وصلنا بالميت إلى القبر وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>