للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٧ - وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر, ثم دخل بيتي, فصلى ركعتين, فسألته, فقال: شغلت عن ركعتين بعد الظهر, فصليتهما الآن, فقلت: أفنضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا». أخرجه أحمد.

١٦٨ - ولأبي داود عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - بمعناه.

قوله: «وعن أم سلمة» هي: إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم, تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد موت زوجها, والقصة مشهورة: حين دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة فوجده قد توفي وقد شخص بصره, فأغمض عينيه صلى الله عليه وسلم, وقال: «اللهم اغفر لأبي سلمة, وارفع درجته في المهديين, وأفسح له في قبره, ونور له فيه, واخلفه في عقبه» , خمس دعوات منها ما علمناه في الدنيا ومنها ما لم نعلمه, لكن الذي أجاب شيئًا رأيناه يتفضل بإجابة ما لم نره, خلفه في عقبه تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موت زوجها أبي سلمة, وكانت رضي الله عنها قد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها إلا آجره الله وأخلف له خيرًا منها» , وكانت تقول: من خير من أبي سلمة؟ تقول هذا لا شكا في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لكن تتأمل من هذا الذي سيكون خيرًا من أبي سلمة, وإلا هي جازمة بأنه سيخلف الله عليها خيرًا من أبي سلمة لكن تفكر: أبو بكر عمر من؟ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبا سلمة في عقبه, تربى ابنه وبنته عند الرسول صلى الله عليه وسلم في حجره, وإنما سقنا هذا ليتبين أن الإنسان إذا دعا عند المصائب فإنه يستجاب له؛ ولهذا لما ضج ناس من أهله - من أهل أبي سلمة -, قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» , وإنما قال هذا؛ لأنهم في الجاهلية إذا مات الإنسان يدعون بالويل والثبور, واثبوراه, واويلاه, وما أشبه ذلك.

أم سلمة رضي الله عنها من أعقل النساء, وأذكى النساء, وقصتها مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية مشهور, تقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى العصر ثم دخل بيتها فصلى ركعتين, قوله: «صلى العصر» أي: صلاة العصر, و «دخل بيتها» , كلمة «بيتها» مضاف إليها, فهل أضيف إليها على سبيل الملك, أو على سبيل الاختصاص؟ هل نساء الرسول - عليه الصلاة والسلام - ورثن هذه البيوت, هل بقين فيها بعد موته؟ نعم, إذن الظاهر - والله أعلم - أنه بيتها على سبيل الملك, والرسول صلى الله عليه وسلم ملك زوجاته ذلك, هذا إن لم يثبت أنهن بعد موته جعلنها في بيت المال؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>