للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفاية في الترغيب والترهيب، وهذا ما دام ضعيفا فليطرح ولم يستثنوا شيئا، فقالوا: لا يجوز العمل بالضعيف ولا يجوز ذكره إلا مقرونا ببيان ضعفه مطلقا.

وقال بعض أهل العلم: يجوز العمل بالضعيف في الفضائل أو المساوئ لكن بشروط ثلاثة:

الشرط الأول: ألا يكون الضعف شديدا بحيث يصل إلى قريب الوضع والكذب، فإن كان الضعف شديدا فلا يجوز ذكره حتى في الفضائل.

الشرط الثاني: أن يكون أصل ما ورد فيه ثابتا بدليل صحيح، مثل أن يرد حديث في فضل صلاة الجماعة ضعيف، لكن مرتب فيه أجر كثير والحديث ضعيف، هنا يمكن أن تقول بذكر هذا الحديث؛ لأنه ينشط على صلاة الجماعة فإن ثبت تقرر الأجر للمصلي، وإن لم يثبت استفاد منه النشاط والرغبة في العمل فهو لا يضر.

الشرط الثالث: ألا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لأنه لا يمكن أن تعتقد أنه قاله إلا إذا صح، بل تقول: يروى أو يذكر أما ما أشبه ذلك، فللعلماء إذن قولان في ذكر الحديث الضعيف والعمل به.

٢٢٧ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم". أخرجه أبو داود، وفي سنده ضعف.

"الصلاة" منصوبة، كيف تكون منصوبة وهي تلي الفعل، والمعروف أن الفاعل يكون مرفوعا؟

الصلاة مفعول مقدم، "لا يقطع الصلاة شيء" و"شيء" نكرة في سياق النفي فتعم كل شيء، "وادرءوا ما استطعتم" يعني: ادفعوا من أراد أن يمر ما استطعتم، فهاهنا حكمان: الأول: أن الصلاة لا يقطعها شيء، أي شيء يمر لا يقطعها: امرأة، رجل، حمار، كلب، بعير، شاة، أي شيء. الحكم الثاني: الدفع "ادرءوا ما استطعتم"، وهذا يعم دفع كل من أراد أن يمر بيد يدي المصلي سواء كان يقطع الصلاة أو لا.

والحديث يقول المؤلف رحمه الله: في سنده ضعف، وعليه فلا يثبت به حكم ما دام ضعيفا، ولم يرد من وجوه متعددة تعضده حتى يصل إلى درجة الحسن، فإنه لا عمل عليه، وإذا قدرنا أنه صح بغيره أو صار حسنا بغيره فإنه يقال: إنه عام، وأحاديث قطع الصلاة بمرور الكلب الأسود والمرأة والحمار مخصصة، وتخصيص العام موجود بكثرة في الكتاب والسنة.

وعلى هذا فنقول: إن هذا الحديث ضعيف، وإن صح فإنه عام مخصوص بالأحاديث الدالة على أن مرور الكلب الأسود، والمرأة، والحمار يقطع الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>