للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: الإخلاص لله (عز وجل) في قوله: "اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت" وهذا فرض على كل مخلوق أن يخلص لله (عز وجل) في ألوهيته.

ومن فوائد هذا الحديث: إقرار النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن الله ربه وهو عبده لقوله: "اللهم أنت ربي وأنا عبدك" وهو (صلى الله عليه وسلم) أقوم الناس عبادة لله (عز وجل) حتى قال- عليه الصلاة والسلام-: "إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم لما أتقي". وكان يقوم الليل حتى تتورم قدماه، فقيل له: يا رسول الله، كيف تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ ! قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".

الربوبية والألوهية كلاهما ينقسم إلى عام وخاص؛ اجتمعت الربوبية العامة والخاصة في قول الله تعالى- نقلًا عن السحرة-: {قالوا ءامنا برب العالمين* رب موسى وهارون} [الأعراف: ١٢١ - ١٢٢]. أين العامة؟ قوله: {برب العالمين}، الخاصة: {رب موسى وهارون}، كذلك العبودية تنقسم إلى عامة وخاصة، فقول الله- تبارك وتعالى: {إن كل من في السماوات والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدًا} [الأعراف: ٩٣]. هذه عامة، كل من في السموات وهم عبيد لله لا يمكن أن يخرجوا عن قضائه وقدره قيد أنملة ولا شعرة، وقول الله- تبارك وتعالى-: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا} [الفرقان: ٦٣]. هذه خاصة، والخاصة فيها ما هو أخص وهي عبودية الرسل؛ فإن عبودية الرسل أخص من عبودية بقية المؤمنين؛ لأنهم قاموا بالرسالة والعبادة، كما تقول مثلًا: المهاجرون جمعوا بين الهجرة والنصرة، والأنصار أخذوا بالنصرة فقط؛ فهم أنصاره وليسوا بمهاجرين.

الرسل- عليهم الصلاة والسلام- قاموا بالعبادة كما قام غيرهم من المؤمنين، ولكنهم- عليهم الصلاة والسلام- زادوا على العبادة القيام بأعباء الرسالة، وإبلاغ الرسالة ليس بالأمر الهين صعب صعب صعب، ولهذا لما قال عز وجل: {إنا نحن نزلنا عليك القرءان تنزيلًا} قال: {فاصبر لحكم ربك} [الإنسان ٢٢ - ٢٣]، لأن هذا تحميل يحتاج إلى صبر وهو كذلك، المسألة ليست هينة، الإنسان الذي يجابه الناس وكلهم مشركون معاندون ويحتاجون إلى دعوة، ولا يخفى علينا ما حصل للإنسان من المضايقة إذا دعا ولم يجد قبولًا، بل إذا أراد محاضرة في المسجد وجاء إلى المسجد الذي فيه محاضرة ولم يجد إلا صفًّا ونصفًا ماذا يكون؟ أزمة نفسية أم لا؟ أزمة نفسية يضيق صدره كيف لم يأت إلا هذا العدد القليل، لكن يجب أن يتسلى الإنسان بأمرين:

الأمر الأول: النبي (صلى الله عليه وسلم) كم بقي يدعو الناس سرًّا مختفيًا؟

والثاني: أن وسائل نقل العلم الآن- والحمد الله- اتسعت، فالذي لم يحضر إلى مجلس العلم اليوم نفسه يمكنه أن يكون شاهدًا؛ أي: يكون حاضرًا بالسماع- سماع الأشرطة- وهذا لا

<<  <  ج: ص:  >  >>