للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابعة، وهذه الثلاث للإنسان: فثلاث لله، والثلاث الأخيرة للآدمي، والرابعة الوسط بين الله وبين العبد، ثم إننا لو قلنا: إن البسملة من الفاتحة لزم أن تكون آياتها ثمانية آيات، أو أن تكون آياتها الأخيرة بطول غيرها مرتين فلا تناسب؛ لأننا لو قلنا: البسملة من الفاتحة صارت الأولى: {الحمد لله رب العالمين}، الثانية: {الرحمن الرحيم}، الثالثة: {ملك يوم الدين}، الرابعة: {إياك نعبد وإياك نستعين}، الخامسة: {اهدنا الصرط المستقيم}، السادسة: {صرط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين}، السابعة وهذه طويلة فلا تناسب الآيات بعضها مع بعض، ثم المعنى كما علمتم لا يتناسب.

فالصواب الذي عندي كالمقطوع به: أن البسملة ليست من الفاتحة، وإذا لم تكن منها فلا تعامل معاملة الفاتحة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لا يجهرون بها، ولو كانت من الفاتحة لجهروا بها.

تكميلًا لكلامنا الأول نقول: إذا قلنا: إن البسملة من الفاتحة؛ لزم أن تكون الفاتحة ثماني آيات متناسبة أو سبع آيات مع طول الأخيرة، وهي ليست ثماني آيات بالنص والإجماع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هي السبع المثاني"، فلا يمكن أن نقول: إنها ثماني آيات.

إذن نقول في حديث أنس رضي الله عنه فوائد منها: الاستدلال بفعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يقرأ بالبسملة، الاستدلال بفعل أبي بكر، الاستدلال بفعل عمر، وهنا نقاش وهو أن يقال: لماذا لا يستدل بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وحده أليس كافيًا؟ بلى، لكنه ذكر أبا بكر وعمر لفائدتين:

الفائدة الأولى: أن هذا الحكم لم ينسخ، بل قد بقي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

الفائدة الثانية: أن ذلك إجماع؛ لأنه قد مضى عهدان بعد عهد النبوة والخلفاء لا يقرءون البسملة، فيكون هذا إجماعًا، وتكون البسملة لا تقرأ بالنص والإجماع.

ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة الفاتحة؛ حيث تقرأ قبل كل شيء من القرآن لقوله: "يفتتحون الصلاة".

ومن فوائد هذا الحديث: إطلاق الكل على الجزء؛ لقوله: "يفتتحون الصلاة"، والمراد: بـ"يفتتحون" القراءة؛ لأن الصلاة تفتتح بالتكبير، ومن بعده دعاء الاستفتاح، لكن عنوا بالصلاة هنا: قراءة الصلاة.

ومن فوائد هذا الحديث: أن المحكي يبقى على ما هو عليه لا يغير؛ لأن اللفظ الذي عندي بـ {الحمد لله رب العلمين} على الحكاية، ولو أعملت الباء مسلطة على الحمد لقال "بالحمد" ولمسلم: "لا يذكرون {بسم الله الرحمن الرحيم} في أول القراءة ولا في آخرها" وهذا نفي لذكر البسملة وهل المراد: أنهم لا يبسملون سرًا ولا جهرًا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>