للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعطلوها، ولهذا نقول إن أهل التأويل جمعوا بين التمثيل والتعطيل؛ لأنهم مثلوا أولًا ثم عطلوا ثانيًا، ولهذا نقول: كل معطل ممثل شاء أم أبي؛ لأنك لو سألته: لماذا حرفت هذا الكلام بأن صرفته عن ظاهرة؟ قال: لأن ظاهره يقتضي التمثيل؛ سبحان الله، الله ورسوله يخاطبان الناس فيما يقتضي أن يكون الله له مثيل، هل هذا معقول؟ يعني: أمعقول أن يكون الكتاب والسنة لا يدلان فيما يتعلق بصفات الله إلا علي ما هو كفر؟ ! لأن تمثيل الله بخلقه كفر لا شك فيه! وهو تكذيب لقوله تعالي: {ليس كمثله شيء} فهل يقول أحد: إن ظاهر كتاب الله وسنة رسوله هو: التمثيل الذي هو كفر؟ لا أحد يقول إلا من اجتالته الشياطين فصرفته عن فطرته، ونحن نقول: بل ظاهر كلام الله ورسوله حق علي الوجه اللائق به، والعقل السليم يستوجب الجمع بين ثبوت الصفة، ونفي المماثلة، فنقول: كل هذه الصفات حقيقية، لكن بدون مماثلة، وهذه القاعدة هي القاعدة السليمة الواجبة علي كل من أراد الخلاص ماذا تقول إذا وقفت بين يدي الله عز وجل والله سبحانه يقول: قال لك رسولي: "ينزل ربنا إلي السماء الدنيا"، وأنت تقول: لا، لا ينزل، لكن ينزل أمره. ما الجواب؟ والله ما يجدون جوابًا.

وكذلك: {وجاء ربك والملك} [الفجر: ٢٢]، إذا قالوا: الله لا يجيء. قلنا: سبحان الله، الله يقول: {وجاء ربك والملك} وأنتم تقولون: وجاء أمر ربك والملك، ما الذي يجعل الملك يأتي والرب لا يأتي؟ ثم من الذي يقول: إن الله أراد الأمر ولم يبينه لعباده ولا بينه رسوله؟ هل هذا إلا غاية ما يكون من التضليل وجعل كلام الله تعالي بمنزلة الأحادي والألغاز التي لا يفهمها إلا ذاك عن ذلك؟ !

فأنا أحذركم أيها الإخوة من أن تضلوا في مثل هذه التأويلات الباطلة، وأن تقولوا: كل من عند الله وهو صادر عن علم ولسنا أعلم بالله من نفسه، ولسنا أعلم بالله من رسوله، ولسنا أصدق نية ونصحًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولسنا أبلغ كلامًا ولا أفقه. إذن يجب علينا أن نتلقى هذه الأمور الغيبية علي ما جاءت به بدون تحريف وبدون تعطيل، ونكون بذلك سالمين، وإن أي إنسان يؤول فإننا سنقول له: ما دليلك علي تأويلك، وما دليلك علي المعني الذي أثبته لهذا النص؟ نطالبه بأمرين، ولا يمكن أن يجد لذلك جوابًا أبدًا، نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق.

٣٧٠ - وعن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا طلع الفجر فقد ذهب وقت كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر". رواه الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>