للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الأولي: أن صلاة الجماعة شرط لصحة الصلاة، وأن من لم يصل مع الجماعة بلا عذر لا صلاة له، وقد سبق أن هذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وبينا أنه ضعيف، وأن الصواب صحة صلاة المنفرد في بيته بلا عذر لكن مع الإثم.

ثانيًا: أنه يفيد أنه يجب الحضور إلي المساجد وليس المقصود تحصيل الجماعة، بل المقصود الحضور إلي المسجد، ولا يجوز للإنسان أن يصلي في مكان جماعة وليس بمسجد، اللهم إلا إذا كان المسجد بعيدًا يشق عليه الذهاب إليه فهذا لا بأس به، أما أن يكون المسجد قريبًا منك وتسمع النداء وتقول لمن معك في المجلس: هيا نصلي جماعة فهذا لا يجوز ولا يجزئ عنه، وإن كان بعض أهل العلم- رحمهم الله- قالوا: إن المقصود: الجماعة سواء في المسجد أو في البيت، وأنه إذا صلى جماعة في البيت ولو كان المسجد قريبًا فلا إثم عليه، وذهب آخرون إلي أن الصلاة في المساجد من باب فروض الكفايات، والصواب: أن الصلاة في المسجد فرض عين، وأنه لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر.

شرح حديث أبي هريرة:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة علي المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر" المنافقون هم: الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، مأخوذ من نافقاء اليربوع وهو: القشرة الرقيقة التي يجعلها في آخر جحره لأجل أن يخرج من باب حجر آخر إذا حصر من هذه النافقة، فكأن المنافق- والعياذ بالله- تستر بما يكون علي ما في قلبه، فإنهم يقولون: إنهم مسلمون ويحلفون علي ذلك، ويشهدون علي أنفسهم بالإسلام، لكن هم كاذبون- والعياذ بالله-، وأول ما ظهر النفاق بعد غزوة بدر؛ لأن الناس قبل غزوة بدر ليس عندهم من القوة ما يهابهم الكفار بها، فلما كانت غزوة بدر وانتصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهزم أولئك الكفار من قريش وقتلت صناديدهم قوي الإسلام وعندئذ نبع فجر النفاق- والعياذ بالله- وصار الإنسان يأتي إلي المسلمين ويقول: إنه مسلم، ويذهب إلي قومه يقول: {إنا معكم إنما نحن مستهزءون (١٤)} [البقرة: ١٤]، وكثر النفاق في المدينة- والعياذ بالله- {ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} [التوبة: ١٠١]، المنافقون يظهرون ويأتون إلي الصلوات مع المسلمين

يحضرونها لكنها ثقيلة عليهم، لماذا؟ لأنهم ليس في قلوبهم إيمان يحثهم إلي أن يأتوا إلي مناجاة الله- سبحانه وتعالي-، قلوبهم أبعد ما يكون عن الله وأكفر ما يكون بالله-والعياذ بالله-، فهم تثقل عليهم الطاعات؛ لأنهم ليس عندهم الرغبة الصادقة في طاعة الله-سبحانه وتعالي- وتثقل عليهم الصلوات لأنها آكد أعمال البدن، وكلما كانت الطاعة أوكد كانت علي المنافق أثقل، وعلم من هذا الحديث أن جميع الصلوات ثقيلة عليهم، كما قال الله تعالي في آية آخري: {وإذا قاموا إلي

<<  <  ج: ص:  >  >>