للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه دليل أيضًا: على أن الفجر لا تجمع لصلاة أخرى؛ وجهه؟ أنها لم تُذكر، إذن هي باقية في محلها، ووجه آخر أنه لا صلة لوقتها بغيره من الأوقات، إذ إن وقت العشاء ينتهي بنصف الليل، فيبقى نصف الليل الآخر ليس فيه وقت لصلاة مفروضة، وينتهي وقتها بطلوع الفجر، فيبقى نصف النهار الأول ليس وقتًا لصلاة مفروضة ... انظر الحكمة: نصف الليل الأخير ليس وقتًا لصلاة مفروضة، ونصف النهار الأول ليس وقتًا لصلاة مفروضة؛ ولهذا في النصف الأخير من الليل يُسن التطوع صلاة الليل، وفي النهار يُسن صلاة الضحى، وهذا من الحكمة العظيمة في الشريعة.

في هذا الحديث: لو قال قائل: الوقت من زوال الشمس إلى نصف الليل متصل بعضه ببعض: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل} [الإسراء: ٧٨]. فلماذا لا تجمع العصر إلى المغرب، أو تجمع الصلوات الأربع جميعًا؟ الجواب: اختلاف الصلاتين وقتًا وهيئة، هذا العصر والظهر في النهار، والمغرب والعشاء في الليل هيئة هذه قراءتها سر، وهذه قراءتها جهر، فهي مختلفة، فلا يمكن أن يجمع بعضها إلى بعض، وبه نعرف خطأ من يفعل ذلك من بعض العمال، نسمع أن بعض العمال هما وفي أوربا وغيرها مساكين يخرجون للعمل من أول النهار، وإذا جاء اليوم صلوا صلاة الأربع، هذا خطأ، ولا يحل هذا الشيء وقد تقدم لنا أن الصحيح أن من أخّر الصلاة عن وقتها بدون عذر لال تُقبل، ولو قضاها لم تقبل منه.

٤١٧ - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقصروا الصلاة في أقل من

أربعة بُردٍ؛ من مكّة إلى عسفان"، رواه الدّارقطنيُّ بإسناد ضعيف، والصحيح أنّه موقوف، كذا أخرجه ابن خزيمة.

إقرار المؤلف على الضعف فيه نظر؛ لأن الحديث فيه راوٍ متروك، فهو منكر ولا يصح أبدًا عن الرسول- عليه الصلاة والسلام-، والصواب- كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- أنه لم يرد تحديد مدة القصر، لا مسافة ولا زمنًا، وأن هذا أمر يرجع إلى العادة والعرف، فما سماه الناس سفرًا فهو سفر، وما لم يسموه سفرًا فليس بسفر، ولهذا قال المؤلف: "والصحيح أنه موقوف كما أخرجه ابن خزيمة" موقوف على ابن عباس من قوله، إذا كان من قوله أفلا يكون له حكم الرفع؟ لا، لماذا؟ لأن للرأي فيه مجالًا؛ إذ إن ابن عباس قد يكون أجاب به من يرى أن سيره

<<  <  ج: ص:  >  >>