للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٤٨ - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا". رواه الترمذي بإسنادٍ ضعيفٍ، قال الترمذي: لا يصح في هذا الباب شيء.

هذا الحديث يقول: "إذا استوى"، معنى "استوى": علا عليه واستقر، "استقبلناه بوجوهنا" يعني: صرفنا وجوهنا إليه لأجل أن يطابق الوجه القلب، ولا شك أن كون الإنسان ينظر إلى الخطيب ببصره يقوي نظره إليه بقلبه، فلهذا يعطي النظر إلى الخطيب، يعطيه قوة في وعي الخطبة.

وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند ولكنه من حيث المعنى قوي، إلا أنه كما قال بعض أهل العلم: خاص بمن كان قريبًا؛ بحيث إذا صرف وجهه عن الخطيب لا ينحرف عن القبلة، أما البعيد الذي لا يمكن إلا بانحرافه عن القبلة، فإن استقبال القبلة أهم ثم هو يعالج نفسه في إحضار قلبه، وبه نعرف أن الخطيب نفسه لا يلتفت، خلافًا لمن استحسنه من بعض الخطباء أن الخطيب يلتفت يمينًا ويسارًا، فنقول: الخطيب مقصود وليس بقاصد، الناس يتجهون إليه ولا يتجه إليهم هذا هو المعروف من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، أما الإنسان المعلم فلا بأس به، وأيضًا إن التفات المعلم فيه فائدة لأجل تذكير الغافل وإيقاظ الذي ينعس حتى لا يحصل غفلة، المهم أن الخطيب يستقر على المنبر ويقصد - كما قال الفقهاء رحمهم الله - تلقاء وجهه، أما الذين حوله فيلتفتون إليه؛ لأنه أبلغ في حضور القلب فيتطابق الوجه والقلب في الاتجاه إلى الخطيب.

- وله شاهد من حديث البراء عند ابن خزيمة.

أحيانًا نسمع في كلام المحدثين "شاهد"، "متابع"، أو ما أشبه ذلك ما الفرق بين الشاهد والمتابع؟ الشاهد في المتن معناه: أن هذا المتن له شاهد من حديث صحابي آخر، وأما المتابعة فهي بأن يوافق الراوي لفظًا آخر، ثم إنها تكون تامة إذا كان الأخذ عن الشيخ، وتكون قاصرة إذا كان الأخذ عمن فوقه؛ أي: فوق شيخه.

حكم الاعتماد على عصًا أو قوس للخطيب:

٤٤٩ - وعن الحكم بن حزنٍ رضي الله عنه قال: "شهدنا الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقام متوكئًا على عصًا أو قوسٍ". رواه أبو داود.

قوله: "شهدنا" يدل على أن معه جماعة، وهو كذلك، عندي في الحاشية يقول: "قدمت إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>