للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم بدأ التصنيف يأخذ شكلاً آخر غير ما تقدمه من مصنفات، وذلك بعد القرن الخامس الهجري، قال الزهراني: " وهي مرحلةُ جمعِ القواعد من كتب مَن تقدم من الأئمة بدون ذكر الأسانيد أو الروايات، ثم محاولة إعادة ترتيبها وتهذيبها، ومن أبرز المؤلفات في ذلك كتاب "مقدمةٌ في علوم الحديث" للحافظ أبي عمرو ابن الصلاح (ت ٦٤٣ هـ) " (١).

قال ابن حجر: "إلى أن جاء: الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح بن عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق فجمع -لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية- كتابه المشهور، فهذب فنونه، وأملاه شيئا بعد شيء؛ فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره؛ فلهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر". (٢)

فصار كتاب ابن الصلاح عمدة المتأخرين وإماما يحتذى به ومرجعا يقتدى به، فعوَّل عليه كل من جاء بعده في مصطلح الحديث، والكل في فلكه يدور، ولا يعيبه ما انتقد عليه في بعض مسائل المصطلح، إذ الكمال والعصمة لكتاب الله عز وجل، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [سورة النساء: الآية ٨٢]

قال الحافظ العراقي: " فإن أحسن ما صنَّفَ أهلُ الحديث في معرفة الاصطلاح كتاب علوم الحديث لابن الصلاح، جمع فيه غرر الفوائد فأوعى، ودعا له زمر الشوارد فأجابت طوعا، إلا أن فيه غير موضع قد خولف فيه، وأماكن أُخَر تحتاج إلى تقييد وتنبيه". (٣)

ومن أهم المؤلفات في هذا الدور بعد كتاب "علوم الحديث": (٤)

١ - "الإرشاد" للإمام يحيى بن شرف النووي (توفي سنة ٦٧٦ هـ) لخص فيه كتاب ابن الصلاح ثم لخصه في كتاب "التقريب والتيسير لأحاديث البشير النذير".

٢ - "التبصرة والتذكرة" منظومة عدد أبياتها (١٠٠٢) للإمام الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي (المتوفى سنة ٨٠٦ هـ) ضمنها كتاب ابن الصلاح وتعقبه، وزاد عليه مسائل نافعة، ثم شرحها شرحا قيما، اسمه: "شرح التبصرة والتذكرة".


(١) علم الرجال ص ٧
(٢) نزهة النظر ص ٩ - ١٠
(٣) التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، لأبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت ٨٠٦)، تحقيق: محمد راغب الطباخ، بيروت، دار الحديث، الطبعة الثانية ١٤٠٥ - ١٩٨٤، ص ٢
(٤) منهج النقد ص ٦٧، سيأتي ذكر طبعات هذه الكتب عند الكلام عن كتاب ابن الصلاح وأهميته.

<<  <   >  >>