للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفصل الرابع]

[المبحث الأول: التعريف بالمنظومات العلمية ونشأتها]

أولاً: تعريف النظم:

أ- النظم لغة: التأليفُ، وضَمُّ شيء إلى شيءٍ آخَرَ، ونَظَمَ اللُّؤْلُؤَ: جَمَعَهُ فِي السِّلْكِ، وَمِنْهُ نَظَمَ ... الشِّعْرَ. (١)

ب- واصطلاحاً: المنظوم: هو الكلام المقفَّى الموزون بأوزان مخصوصة. (٢)

ج- الفرق بين الشِّعر والنظم: الشِّعرُ عادةً يطفح بالشعور الحيّ، والعاطفة الصادقة، فيؤثر في مشاعرنا، أما النظم فرُكِّبَ بطريقةٍ لا يُقصد بها إلا المحافظة على الوزن والإيقاع، والمقياس في التفريق بينهما يعود بالدرجة الأولى إلى الذوق الأدبي، ويمكننا التمييز بينهما أيضاً بأن المنظوم غالباً يكون من قول الفقهاء والنحاة ويكون في الشعر التعليمي.

ومعظم النُّقَّاد يجعل النظمَ دون مرتبة الشعر في الجودة من حيث المضمون والخيال والعاطفة. (٣)

ثانياً: المنظومات العلمية:

لا شكّ أن كثيراً من العلوم الرئيسة -العربية والإسلامية- قد جرى تسجيلُها وتدوينُها نثراً ونظماً على مرّ العصور، وصحيحٌ أن النثرَ قد لعب الدور الأعظم في حفظ تُراث الحضارة العربية الإسلامية، إلا أنَّ المنظومات كانت تُشكِّل جانباً للحيوية في النواحي التعليمية، سواء كان ذلك في مجال العلوم العقلية أو في مجال العلوم النقليَّة.

إنَّ المنظومات- بحكم تراكيبها وأوزانها - لم تُشكِّل أداةً مؤثّرة في مجال الذاكرة والاستذكار فحسب، بل إنَّها حافظت أيضاً على سلامة النصوص ذاتها، ذلك بفضل ما تخضع له - حَسْب معايير الشعر- من ميزان العرُوض، والالتزام بالروِيّ أو القافية، ولعلَّه من المُسلَّم به أن المنظومات التعليمية قد أسهمت إلى حدٍّ بعيد في سرعة وكفاءة التكوين التعليمي لعلماء العرب والمسلمين، وهي ظاهرةٌ قد تفسِّرُ


(١) انظر: القاموس المحيط، ومختار الصحاح، مادة: نظم.
(٢) انظر: جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب، لأحمد بن إبراهيم بن مصطفى الهاشمي (ت ١٣٦٢ هـ)، بيروت، مؤسسة المعارف (١/ ٤٠)
(٣) انظر: المعجم المفصل في علم العروض والقافية وفنون الشعر، للدكتور إميل بديع يعقوب، بيروت، دار الكتب العلمية (ص ٤٤٧)

<<  <   >  >>