للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمنظومات العلمية عموماً -بجميع أنواعها- قد ظهرت في وقت مبكرٍ في الحضارة الإسلامية، فقد ظهرت منذ القرن الأول الهجري، وأول نظمٍ علميٍّ في التاريخ الإسلامي في علم الكيمياء (١)،

للأمير خالد بن يزيد بن معاوية (٢) يشتمل على أكثر من ٢٣٠٠ بيت من قواف مختلفة.

لكن قال الذهبي: " وهذا لم يصح". (٣)

ومن أوائل المنظومات العلمية، منظومة في "الأشهر المسيحية" نظمها أبو عمر عبد الله بن المقفع (٤)، وبعده جاء نظم للخليل بن أحمد الفراهيدي (٥) "قصيدة في النحو".


(١) قال ابن خلدون عن علم الكيمياء: وهو علم ينظر في المادّة الّتي يتمّ بها كون الذّهب والفضّة بالصّناعة ويشرح العمل الّذي يوصل إلى ذلك فيتصفّحون المكوّنات كلّها بعد معرفة أمزجتها وقواها لعلّهم يعثرون على المادّة المستعدّة لذلك. انظر: ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (تاريخ ابن خلدون)، لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن خلدون (ت ٨٠٨ هـ)، تحقيق: خليل شحادة، بيروت، دار الفكر (١/ ٦٩٥).
وجاء في المعجم الوسيط (ص) ٨٤٤: الكيمياء الْحِيلَة والحذق وَكَانَ يُرَاد بهَا عِنْد القدماء تَحْويل بعض الْمَعَادِن إِلَى بعض و (علم الكيمياء) عِنْدهم علم يعرف بِهِ طرق سلب الْخَواص من الْجَوَاهِر المعدنية وجلب خَاصَّة جَدِيدَة إِلَيْهَا وَلَا سِيمَا تحويلها إِلَى ذهب و (عِنْد الْمُحدَثين) علم يبْحَث فِيهِ عَن خَواص العناصر المادية والقوانين الَّتِي تخضع لَهَا فِي الظروف الْمُخْتَلفَة وبخاصة عِنْد اتِّحَاد بَعْضهَا بِبَعْض.
وقال الجرجاني في تعريفاته (ص ١٥٨) أنها ثلاثة أنواع:
كيمياء السعادة: تهذيب النفس باجتناب الرذائل وتزكيتها عنها، واكتساب الفضائل وتحليتها بها.
كيمياء العوام: استبدال المتاع الأخروي الباقي بالحطام الدنيوي الفاني.
كيمياء الخواص: تخليص القلب عن الكون باستئثار المكنون.

وما ذكره الجرجاني إنما هي مصطلحات صوفية (انظر: معجم المصطلحات الصوفية، لعبد الرزاق الكاشاني (ت ٧٣٠ هـ تقريباً) تحقيق: الدكتور عبد العال شاهين، القاهرة، دار المنار ص ٨٩) وليست من القسم الذي قاله ابن خلدون.
(٢) خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان القرشى الأموي، أبو هاشم الدمشقي، كان موصوفا بالعلم وقول الشعر، وكان صالحاً صوَّاماً، قال ابن خلكان: كان من أعلم قريش بفنون العلم، وله كلام في صناعة الكيمياء والطب، وكان بصيراً بهذين العلمين متقناً لهما، وله رسائل دالة على معرفته وبراعته، وأخذ الصناعة عن رجل من الرهبان يقال له مريانس الراهب الرومي، وله فيها أشعار كثيرة مطولات ومقاطيع دالة على حسن تصرفه وسعة علمه.
قال ابن خلدون: وربّما نسبوا بعض المذاهب والأقوال فيها لخالد بن يزيد بن معاوية ربيب مروان بن الحكم ومن المعلوم البيّن أنّ خالدا من الجيل العربيّ والبداوة إليه أقرب فهو بعيد عن العلوم والصّنائع بالجملة فكيف له بصناعة غريبة المنحى مبنيّة على معرفة طبائع المركّبات وأمزجتها وكتب النّاظرين في ذلك من الطّبيعيّات والطّبّ لم تظهر بعد ولم تترجم! .
انظر: وفيات الأعيان ٢/ ٢٢٤، سير أعلام النبلاء ٤/ ٣٨٢ تاريخ ابن خلدون ١/ ٦٩٦
(٣) السير ٤/ ٣٨٣
(٤) أحد المشهورين بالكتابة والبلاغة والترسل والبراعة، وكان فارسيا مجوسيا فأسلم، سئل: من أدبك؟ قال: نفسي، كنت إذا رأيت من غيري حسنا أتيته، وإذا رأيت قبيحا أبيته. ويقال: كان ابن المقفع علمه أكثر من عقله، وكان يتهم بالزندقة، توفي سنة ١٤٢ هـ. انظر: تاريخ الإسلام ٣/ ٩١٠
(٥) الخليل بن أحمد الفراهيدي أبو عبد الرحمن، الإمام، صاحب العربية، ومنشئ علم العروض، البصري، أحد الأعلام، أخذ عنه: سيبويه النحو، والنضر بن شميل، وكان رأسا في لسان العرب، دينا، ورعا، قانعا، متواضعا، كبير الشأن، توفي سنة ١٧٠ هـ. انظر: السير ١/ ٤٢٩.

<<  <   >  >>